الانفصال ليس مجرد قرار يُتخذ في لحظة، بل هو عملية نفسية وعاطفية قد تمتد لفترة، خاصة عندما لا يكون الطرفان على نفس الصفحة.
في بعض العلاقات، يحدث أن أحد الشريكين يستوعب النهاية، بينما يرفض الآخر التصديق، متشبثًا بالأمل، أو منكراً الواقع، أو حتى رافضًا ترك التحكم في العلاقة.
هذا الوضع قد يكون مرهقًا للطرف الذي قرر المضي قدمًا، حيث يجد نفسه محاصَرًا بين مشاعر الذنب، والضغط النفسي، ومحاولات الشريك البائسة للإبقاء على ما انتهى بالفعل.
قبل التعامل مع هذا الموقف، من الضروري فهم الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص للتمسك بعلاقة انتهت:
قد يكون الانفصال صدمة للبعض، وهو ما يدفعهم إلى العيش في حالة إنكار، كآلية دفاعية تحميهم من الألم.
بعض الأشخاص يبنون هويتهم وسعادتهم بالكامل حول العلاقة، لذا فإن فقدانها يجعلهم يشعرون بأنهم فقدوا أنفسهم.
القلق من مواجهة الحياة بمفردهم قد يدفع البعض إلى رفض الانفصال، حتى لو لم تكن العلاقة سعيدة.
قد يرى الطرف الذي يرفض الانفصال أن قبول النهاية يعني الاعتراف بالفشل، وهو أمر يصعب على البعض التعامل معه.
أحيانًا يعتقد الشخص أن شريكه سيتراجع عن قراره، وأن الأمور يمكن إصلاحها إذا بذل المزيد من الجهد.
إذا كنت محاصرا بشريك يرفض بأن العلاقة انتهت فيمكنك اتباع النصائح التالية:
عند الانفصال، يجب أن يكون موقفك واضحًا وحاسمًا، لكن دون قسوة مفرطة. تجنب إرسال إشارات متضاربة أو ترك ثغرات قد يستغلها الشريك ليتشبث بالأمل. الجُمل الغامضة مثل "ربما نحتاج إلى وقت" أو "لنرَ ما سيحدث مستقبلاً" قد تبقيه معلقًا بدلاً من مساعدته على المضي قدمًا.
عندما يرفض الشريك الاعتراف بالنهاية، قد يحاول استدراجك إلى محادثات مطولة لإقناعك بالعودة. لا تنجرّ إلى تكرار نفس المبررات أو الدفاع عن قرارك مرارًا وتكرارًا، فهذا قد يمنحه إحساسًا زائفًا بأن بإمكانه تغيير موقفك.
الحدود ضرورية لحمايتك من الانجراف إلى علاقة انتهت بالفعل. حدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في التعامل بعد الانفصال، مثل تقليل التواصل أو قطع بعض الروابط التي قد تعيد إحياء المشاعر القديمة.
قد يلجأ الطرف الآخر إلى استخدام مشاعر الذنب كسلاح، مذكّرًا إياك بكل اللحظات الجميلة أو بكل ما فعله من أجلك. تذكر أن قرار الانفصال لم يكن بدافع الأنانية، بل لأن العلاقة لم تعد تعمل بالشكل الصحيح، وأن استمرارها بدافع الشفقة لن يكون عادلاً لأي منكما.
قد يمر الشريك بعدة مراحل عاطفية، من الإنكار إلى الغضب، ثم التوسل، وأخيرًا القبول. بعض الأشخاص قد يحاولون إثارة شفقة الطرف الآخر، بينما قد يلجأ البعض إلى تصرفات درامية، مثل التهديد بإيذاء النفس. إذا لاحظت أي سلوكيات خطيرة، فمن الأفضل التعامل معها بحذر، وقد تحتاج إلى إشراك أفراد آخرين من العائلة أو الأصدقاء لمساعدته على تجاوز الأزمة.
في محاولة لتخفيف الألم، قد تميل إلى قول أشياء مثل "يمكن أن نبقى أصدقاء" أو "سأكون هنا إذا احتجت شيئًا"، ولكن هذه العبارات قد تبقي الباب مواربًا وتؤخر عملية التعافي لدى الطرف الآخر.
في بعض الحالات، قد يحتاج الشريك الذي يرفض الاعتراف بالانفصال إلى مساعدة نفسية متخصصة. إذا شعرت أنه يعاني من صدمة عاطفية عميقة أو اكتئاب حاد، فقد يكون من المفيد تشجيعه على استشارة مختص لمساعدته على تجاوز هذه المرحلة.
عندما يرفض أحد الشريكين الاعتراف بأن العلاقة انتهت، فإن الأمر قد يكون معقدًا نفسيًا وعاطفيًا. لكن التعامل بحزم، وضع الحدود، وعدم الانجراف وراء المشاعر المتضاربة، هو المفتاح لإنهاء العلاقة بطريقة صحية. لا يمكن إجبار أحد على تقبّل الحقيقة، لكن يمكنك حماية نفسك من دوامة الاستنزاف العاطفي، والمضي قدمًا نحو حياة أكثر توازنًا ووضوحًا.