عندما صدر فيلم Girl Shy عام 1924، كان يعد أول كوميديا رومانسية في تاريخ السينما.
واليوم، وبعد مرور سنوات على هذا النوع السينمائي، يمكننا استخدام منظور علم النفس لاستكشاف كيف عكست الكوميديا الرومانسية تطور مفاهيم الحب عبر الزمن، وفقًا لما يقوله الدكتور النفسي بول دوبرانسكي في مقاله المنشور على موقع psychologytoday، المعني بالصحة النفسية والعلاقات.
ويشرح الدكتور بول أن هناك ثلاثة أفلام رئيسية: Serendipity، وLa La Land، وMarriage Story، تقدم أمثلة واضحة على هذه الديناميكيات، ما يعكس تغيرات ثقافية عميقة في الطريقة التي ننظر بها إلى الحب:
في فيلم "Serendipity"، نشهد قصة رومانسية مليئة بالسحر حول القدر. يلتقي جوناثان وسارة عن طريق الصدفة في نيويورك، ويؤمن كل منهما بأن القدر سيجمعهما مجددًا إذا كانا مقدّرين لبعضهما بعضًا.
يعكس الفيلم التفاؤل الذي كان سائدًا في بداية القرن الجديد، فقد كان يُنظر إلى الحب على أنه قوة خارقة قادرة على التغلب على أي صعوبات.
وبالنسبة للمفاهيم النفسية، نجد أن العلاقة بين الشخصين تكون مشبعة للغاية، إذ يعيشان تجربة الحب الملهم والخيالي.
ولا يوجد بدائل حقيقية في نظر كل منهما، فكل منهما يشعر أن لا شريك آخر يمكن أن ينافس هذه الرومانسية المثالية.
ويُظهر الفيلم مدى تأثير الظروف الخارجية مثل الصدف والتوقيت على بناء العلاقات، ما يُبرز رؤية رومانسية مثالية للحب كانت أكثر شيوعًا في تلك الفترة.
هذه الرؤية الرومانسية المثالية أصبحت أقل وضوحًا في عصرنا الحالي، فقد أصبحت ثقافة المواعدة عبر الإنترنت سائدة أكثر.
يحكي فيلم "La La Land" قصة حب بين ميا وسيباستيان، اللذين يسعيان لتحقيق أحلامهما المهنية في لوس أنجلوس. يعكس الفيلم الصراع الشائع بين تحقيق الذات والمحافظة على علاقة عاطفية قوية.
وعلى عكس فيلم "Serendipity"، حيث كان القدر هو المحرك الرئيسي للأحداث، يعتمد الحب في "La La Land" على مدى قدرة الشخصين على تحقيق توازن بين طموحاتهما الشخصية والحفاظ على الرومانسية.
الرضا في العلاقة يتأثر بالصراع بين أولويات كل منهما في الحياة. فكل منهما يواجه تحديات كبيرة بسبب الطموحات الشخصية، ما يضع العلاقة في مكان ثانٍ.
مع وجود بيئة هوليوود التي تركز على النجاح الشخصي، تصبح الخيارات العاطفية متعددة والفرص لبدائل الحب أكثر وضوحًا.
ونهاية الفيلم تجمع بين الحزن والرضا، إذ يدرك كل من ميا وسيباستيان أنهما لا يمكنهما الموازنة بين أحلامهما وحبهما، ما يعكس الصعوبة التي يواجهها كثيرون اليوم في التوفيق بين الطموحات والعلاقات العاطفية.
في فيلم "Marriage Story"، نتابع قصة انهيار علاقة تشارلي ونيكول في أثناء مرورهما بتجربة طلاق مريرة.
الفيلم يعرض كيف تؤدي الطموحات المهنية وسوء التفاهم إلى تفكك الزواج، ما يعكس رؤية ثقافية معاصرة تشاؤمية حول الحب.
الرضا في العلاقة يتدهور بسبب الضغوط والخلافات المستمرة، ما يجعل العلاقة أقل إشباعًا لكلا الطرفين. ومع تقدم النزاع، تصبح الخيارات الأخرى أكثر جاذبية، ما يجعل الحفاظ على العلاقة أمرًا صعبًا.
مع تصاعد الخلافات، يخف الدعم العاطفي المتبادل، ويتراجع الاهتمام بالعلاقة.
يركز الفيلم على كيف يمكن للحب أن يتحول إلى مصدر للألم، لكنه أيضًا يؤدي إلى تطور شخصي، رغم أن ذلك يترك آثارًا عاطفية عميقة.
الفيلم يعكس الواقع المعاصر للعلاقات التي تواجه صراعات بين الالتزامات الشخصية والمشتركة.
في النهاية، تذكرنا هذه الأفلام بأهمية السعي لتحقيق توازن بين تحقيق الذات وبناء علاقات عاطفية قوية إذا أردنا أن نجد السعادة الحقيقية.