أصبح التسويق عبر المؤثرين أحد أسرع المجالات نموًا في العالم، مع توقعات بأن تتجاوز قيمته 24 مليار دولار هذا العام.
وفي ظل هذا النمو الهائل، يثار تساؤل جوهري: ما الذي يجعل منشورات المؤثرين أكثر جاذبية للمشاهدين؟ وفقًا لدراسة جديدة أجراها الباحثان "جاي تشونغ" و"أجاي كالر"، يبدو أن الإجابة تكمن في البساطة والصدق.
حسب الدراسات التي أُجْرِيَت، يعتمد التفاعل على عدة عناصر مهمة من شأنها إنجاح المنشورات التسويقية التي يعتمد عليها المؤثرون في عملهم، منها:
تشير الدراسة إلى أن المنشورات التي تعكس تفاصيل شخصية أو اجتماعية عن حياة المؤثرين، مثل الصور التي تجمعهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم المقربين، تلقى تفاعلًا أكبر بكثير من تلك التي تركز على الإعلانات الترويجية. فعلى سبيل المثال، سجلت صور لديفيد بيكهام مع والده وزوجته عدد إعجابات وصل إلى 1.8 مليون، مقارنة بمنشور إعلاني حصد فقط 460 ألف إعجاب.
وفي إطار بحث استمر لستة أشهر، وشمل أكثر من 55,000 منشور، أظهرت التحليلات أن الصور التي تضمنت أشخاصًا معدودين أو الإشارات إلى أفراد الأسرة كانت الأكثر ارتباطًا بمفهوم "الأصالة".
كما أوضحت التجارب أن الجمهور يميل لتفضيل منشورات المؤثرين التي توحي بالصدق وتعكس لحظات حقيقية من حياتهم اليومية.
مع زيادة الإعلانات المدفوعة على حسابات المؤثرين، بدأت مصداقية هؤلاء تتعرض لتحديات. إلا أن الدراسة أظهرت أن الإعلانات التي تتماشى مع حياة المؤثر الشخصية يمكن أن تخفف التأثير السلبي للإعلانات التقليدية.
على سبيل المثال، عندما أوضح أحد المؤثرين أن ابنته هي من اختارت له زيه في إعلان مدفوع، لاقى المنشور استحسانًا أكبر مقارنة بمنشور يشير إلى أن المصمم هو من قام بذلك.
ينبغي على المسوقين العمل على إظهار كيفية انسجام المنتج مع حياة المؤثر الطبيعية. ويمكن ذلك من خلال صور أو نصوص تشير بوضوح إلى دور المنتج في حياتهم اليومية. فمثل هذه الأساليب تجعل المتابعين يشعرون أن المحتوى صادق وليس مجرد دعاية تسويقية.
إضافة إلى الروابط الاجتماعية، وجدت الدراسة أن التعبير عن المشاعر القوية يزيد من تفاعل الجمهور مع المنشورات. المفاجئ أن المشاعر السلبية كانت أكثر تأثيرًا بستة أضعاف من المشاعر الإيجابية. قد يرجع ذلك إلى ندرة المشاركات الصادقة حول التحديات أو الإحباطات، ما يجعلها أكثر جذبًا للجمهور.
كما أن استخدام لغة شخصية مثل ضمائر المتكلم الأولى (أنا، نحن) في النصوص يجعل المنشور أكثر جاذبية، حيث يشعر المتابعون بالقرب من المؤثر، ويدركون أنه يتحدث عن تجاربه الخاصة.
على الرغم من فوائد إظهار الجانب الشخصي، فإن هناك مخاطر يجب مراعاتها. فقد يؤدي تسليط الضوء بشكل مبالغ فيه على الحياة الشخصية للمؤثر إلى تأثيرات سلبية على صحته النفسية، خاصة إذا شعر بضغط مستمر من المعلنين لاستغلال علاقاته الاجتماعية.
علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى أن المنشورات ذات الطابع الشخصي أو العاطفي نادرة نسبيًا، ما يجعلها أكثر تميزًا وتأثيرًا. لذا، يجب على المؤثرين الاعتدال في مثل هذه المنشورات للحفاظ على تفاعل الجمهور دون التأثير سلبًا على خصوصيتهم أو حياتهم.
في الختام، تؤكد النتائج أن الأصالة هي العنصر الأساسي الذي يجعل المؤثر مميزًا في نظر متابعيه. سواء أكانت منشوراته تعكس لحظات عائلية دافئة أم مشاعر شخصية صادقة، فإنها تخلق رابطة حقيقية بينه وبين جمهوره. لذا، على المؤثرين التفكير في كيفية إضفاء لمسة من حياتهم الواقعية على محتواهم، بما يحقق التوازن بين الاحترافية والأصالة.