الشكوى.. جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية. فهي وسيلة نعبر بها عن مشاعرنا السلبية، ونحاول بها مواجهة التحديات التي تعترض طريقنا.
في كثير من الأحيان، يمكن أن تكون الشكوى متنفسًا صحيًّا للتوتر وتبادل الدعم مع الآخرين. ولكن، عندما تتحول إلى نمط دائم ومفرط، تصبح الشكوى عائقًا بدلاً من أن تكون أداة مساعدة.
الإفراط في الشكوى قد يبدو ظاهرة بسيطة، لكنه يحمل تأثيرات أعمق مما قد يتصوره البعض، فالإفراط في التركيز على السلبيات لا يؤثر فقط في الصحة النفسية للشخص الذي يشتكي، بل يمتد ليشمل العلاقات الاجتماعية والمهنية، وحتى الطريقة التي ننظر بها إلى العالم من حولنا.
وفقًا لخبراء موقع Verywell Mind، فإن الشكوى المفرطة يمكن أن تؤدي إلى تكريس الأفكار السلبية، وزيادة مستويات التوتر، وربما الإضرار بالصحة العامة على المدى الطويل، وتتمثل المخاطر بالآتي:
الشكوى المفرطة يمكن أن تؤدي إلى ما يُعرف بـ"التحيز السلبي"، وهو الميل إلى رؤية العالم والأحداث المحيطة بشكل سلبي. كما تشير فارينا، فإن هذا النمط من التفكير قد يصبح الطريقة الافتراضية للعقل بمرور الوقت.
العصبية هي قدرة الدماغ على تشكيل وإعادة تشكيل الاتصالات العصبية استجابةً للتجارب والتعليم.
والشكوى المتكررة تعيد تشكيل الدماغ بطرق تجعل التفكير السلبي عادة متجذرة. هذا يعني أن الدماغ يصبح مبرمجًا للتركيز على السلبيات؛ ما يؤدي إلى استبعاد الجوانب الإيجابية.
الانغماس في الشكوى يعزز مشاعر التوتر والإحباط؛ ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية، مثل: ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات النوم. كما يمكن أن تؤدي هذه العادة إلى تآكل العلاقات الاجتماعية والمهنية بسبب تأثيرها السلبي فيمن حولنا.
عوضاً عن الشكوى العشوائية، يُنصح باتباع أسلوب مدروس للتعبير عن السخط. فالتعبير المتعمد عن السخط بطريقة موجهة نحو الحل، ولا تغذي المسارات العصبية السلبية". يمكن تحقيق ذلك باستخدام الإطار التالي:
تحديد وقت للشكوى: يُنصح بتحديد مدة زمنية قصيرة للتعبير عن المشاعر السلبية.
اختيار البيئة المناسبة: يُفضل التنفيس في مكان خاص ومع أشخاص موثوق بهم لتجنب إزعاج الآخرين أو الإضرار بالعلاقات.
ينبغي أن تكون الشكوى موجهة نحو القضايا ذات التأثير الكبير، مثل تحديات العمل أو العلاقات. وتقليل الشكوى من الأمور التافهة والتركيز على المشكلات التي يمكن حلها.
تخصيص وقت محدد للتفكير في المشاكل يمكن أن يساعد على الحد من القلق المستمر. من خلال هذه الطريقة، يمكن تنظيم المشاعر والتعامل مع القضايا بشكل منهجي دون الوقوع في حلقة لا نهائية من الشكوى.
الشكوى ليست بالضرورة سلوكًا سلبيًا، ولكن عندما تصبح مفرطة ومستمرة، فإنها تحمل مخاطر على الصحة النفسية والجسدية.
من خلال تبني إستراتيجيات الشكوى البناءة وتحديد الوقت والمكان المناسبين للتعبير عن المشاعر، يمكننا تحسين جودة حياتنا وتعزيز علاقاتنا. تدريب أنفسنا على التفكير الإيجابي يُعد خطوة أساسية نحو حياة أكثر توازنًا وسعادة.