الأطفال الحساسون، هم نعمة بقدرتهم الفريدة على الإحساس العميق وتقدير التفاصيل الصغيرة التي قد تمر على الآخرين دون ملاحظتها. ومع ذلك، تربية طفل حساس ليس مهمة سهلة، فهي تتطلب توازنًا كبيرًا بين الحزم واللطف.
يحتاج الطفل الحساس إلى بيئة تشجعه على التعبير عن مشاعره بحرية، وفي الوقت نفسه تعلمه الانضباط الذاتي.
ومن خلال مراعاة خصوصية الطفل الحساس وتنمية قدراته الخاصة، يمكن للأمهات مساعدة أطفالهن على أن يصبحوا أفرادًا مستقلين وقادرين على مواجهة تحديات الحياة بثقة وقوة.
فيما يلي إستراتيجيات مبتكرة للتعامل مع الطفل الحساس بطريقة تدعم نموه العاطفي، وتغذي شخصيته الفريدة.
الأطفال الحساسون لديهم قدرة فطرية على إدراك التفاصيل التي قد تمر على الآخرين.
كما يمكنهم الشعور بالتغيرات الطفيفة في المزاج أو البيئة، سواء كانت نغمة صوت حزينة أو تغير في مستوى الإضاءة أو حتى رائحة زهرة. هذه القدرة تجعلهم يشعرون بالعالم بشكل مختلف وأكثر عمقًا.
بدلاً من محاولة تغيير طبيعة الطفل أو التقليل من استجاباته الخارجية، يجب أن يحتضن الأهل هذه الصفة الفريدة. فهم مشاعر الطفل وإظهار الاهتمام بما يشعر به يجعله أكثر تقبلًا لذاته.
لماذا تحتاج القواعد إلى حيز عاطفي؟
تعتبر القواعد والحدود أمرًا مهمًا في تربية أي طفل، لكن بالنسبة للطفل الحساس، يجب أن تكون هذه القواعد أكثر من مجرد تعليمات. عند تقديم القواعد لطفلك الحساس، حاولي أن تربطيها بالعواطف.
بدلًا من قول: "لا تفعل ذلك لأنه خطأ"، يمكنك أن تقولي: "عندما تفعل ذلك، قد تحرج أو تؤذي شخصًا ما". هذا النهج يسمح للطفل بفهم القواعد من منظور عاطفي؛ ما يسهل عليه الامتثال.
العواقب الطبيعية
تعليم الطفل الحساس من خلال العواقب الطبيعية، يعد أحد أكثر الطرق فعالية. بدلًا من التهديد والوعيد، دعي الطفل يختبر العواقب الطبيعية لأفعاله. على سبيل المثال، إذا رفض ارتداء معطف في يوم بارد، دعيه يشعر بالبرد. هذه التجارب الواقعية تساعد الطفل على فهم العلاقة بين السبب والنتيجة بشكل أفضل مما قد يفعله العقاب اللفظي أو الجسدي.
الاستماع للطفل الحساس
الأطفال الحساسون يحتاجون إلى الشعور بالتفهم، لذا فإن الاستماع الفعّال هو أحد أفضل أدوات التوجيه. حاولي أن تخصصي وقتًا للاستماع لمشاعر طفلك دون إصدار أحكام أو مقاطعة. هذا النوع من التفاعل يقلل من احتمالية نشوء الصراعات، ويعزز روح التفاهم داخل الأسرة.
مساحة للتعبير عن الذات: كيف تجعلين صوته مسموعًا؟
الطفل الحساس يحتاج إلى الشعور بأن لديه بعض السيطرة على حياته. لذا، فإن منح الطفل خيارات مدروسة يجعله يشعر بالتمكين، ويساعده على تطوير مهارات اتخاذ القرار.
على سبيل المثال، بدلًا من فرض ملابس محددة عليه، يمكنك منحه خيارين ليختار من بينهما. هذا يفتح له المجال للتعبير عن نفسه، دون أن يشعر بأنه مجبر.
شحن العواطف
بدلًا من العقاب التقليدي بالوقت المستقطع (Time-out)، يمكن أن تكون "فترات الاسترخاء" أكثر فعالية. اصطحبي الطفل إلى مكان هادئ، وساعديه على التنفس العميق أو القيام بنشاط يهدئه مثل الرسم أو القراءة. هذه الفترات ليست عقابًا، بل هي فرصة للطفل لإعادة تنظيم مشاعره والعودة إلى هدوئه الطبيعي.
الاستمرارية في التوجيه: الثبات ضروري
من المهم جدًا أن تكون ردود أفعالك تجاه سلوكيات الطفل الحساس متسقة وثابتة. يحتاج الطفل إلى معرفة ما يتوقعه من والديه؛ ما يعزز لديه الشعور بالأمان. إذا كانت القواعد تتغير باستمرار، فقد يشعر الطفل بالارتباك أو بالتهديد، وهو أمر يجب تجنبه.
الاستمرارية في التوجيه تجعل الطفل يدرك أن هناك هيكلًا واضحًا يعتمد عليه في اتخاذ قراراته.
تعليمه مهارات حل المشكلات
إحدى أهم المهارات التي يجب تعليمها للطفل الحساس هي حل المشكلات. بدلًا من تقديم الحلول الجاهزة، حاولي أن تشجعي طفلك على التفكير في حلول بديلة لكل موقف يواجهه. اسأليه: "ما هو الحل الأفضل من وجهة نظرك؟" فهذا يساعد الطفل على التفكير بشكل منطقي وبناء ثقته بنفسه.
الاحتفاء بالنجاحات الصغيرة
في حين يحتاج الطفل الحساس إلى التوجيه عندما يرتكب خطأً، إلا أنه يحتاج أيضًا الدعم عندما يتصرف بشكل صحيح. استخدمي التعزيز الإيجابي، سواء بكلمة مشجعة، أو ابتسامة، أو حتى عناق بسيط. هذا النوع من التشجيع، لا يعزز السلوك الإيجابي فقط، بل يبني الثقة بينكما.