قد تشعر أحياناً بضغط كبير يدفعك لتحمل ما هو خارج نطاق سيطرتك، خاصةً عندما يسيطر عليك القلق أو التوتر.
فبمجرد أن تتراكم عليك ضغوط الحياة اليومية، مثل تحديات العمل أو مسؤوليات الأسرة، قد تجد نفسك تدفع ثمناً غالياً نتيجة محاولتك تحقيق توقعات الآخرين أو التخفيف من مشاعرهم.
لكن بعض الأمور ليست مسؤوليتك فعلاً، ولا يستحق أن تتحمل عبء تحقيقها.
فيما يلي أربعة أعباء يتعين عليك التخلي عن تحملها، حتى لو كانت مشاعرك القلقة تفرض عليك ذلك.
من الطبيعي أن تتأثر مشاعرنا بسلوكيات وتصرفات من حولنا، لكن في النهاية، كل شخص مسؤول عن عواطفه وكيفية التعبير عنها. تشير الأخصائية النفسية كاري هوارد إلى أن "كل شخص مسؤول عن استجاباته العاطفية، ولا يمكننا التحكم أو تحديد مشاعر الآخرين". قد تؤثر أفعالنا على مشاعرهم، ولكن لا ينبغي أن نتحمل عبء إدارتها. فعلى سبيل المثال، قد تشعر بالإحباط إذا رفضت طلباً من صديق ووجدته يشعر بخيبة أمل، ولكن مشاعر الإحباط هذه هي نتيجة لرفضك، وليست مسؤوليتك.
من جانب آخر، تشير المعالجة العائلية إميلي بيرلي إلى أن العديد من الأشخاص يقعون في فخ الشعور بالذنب نتيجة شعورهم بأنهم "يجب أن يلبوا حاجات الآخرين". لكنها تؤكد أهمية ألا يتحمل الشخص عبء إسعاد الآخرين على حساب راحته الذاتية. فالتضحية المستمرة لأجل مشاعر الآخرين قد تكون استنزافاً للطاقة وتؤدي إلى فقدان التوازن الشخصي.
قد يكون من الصعب مشاهدة من نحبهم يتخذون قرارات قد تكون ضارة لهم، وقد تشعر أنك مسؤول عن تصحيح مسارهم. ولكن، الحقيقة هي أن قرارات الآخرين تخصهم وحدهم، ومنحهم الفرصة للقيام بخياراتهم، حتى الخاطئة منها، يعد جزءًا هامًا من نموهم. تقول هوارد: "إن محاولة إنقاذ الآخرين من قراراتهم تحرمهم من فرصة التعلم والنمو".
عندما يتحمل الأشخاص مسؤولية خياراتهم، يصبحون أكثر استعدادًا لتقبل العواقب وتعلم الدروس منها. ورغم أن مساعدتنا للآخرين قد تكون أحيانًا ضرورية، فإن التحكم في خياراتهم قد يتسبب في تشويه العلاقة وفقدانهم للتجربة التي تقوي شخصياتهم.
تضعنا الضغوط المستمرة في مواقف نتوقع فيها أن تحقق أعمالنا أفضل النتائج، لكن الواقع قد يكون عكس ذلك، حيث يمكن أن تخرج الأمور عن سيطرتنا تماماً. فالترويج في العمل، مثلاً، قد يعتمد على عوامل أخرى غير اجتهادك الشخصي، مثل ميزانية الشركة أو قرارات المدراء العليا.
تشير هوارد إلى أن التركيز يجب أن يكون على الجهد المبذول وليس على النتائج، مشيرة إلى أن "التعلق بالنتائج يشكل عبئاً نفسياً غير واقعي". بدلًا من ذلك، يجدر بنا تقدير الجهد والعمل الذي بذلناه للوصول إلى تلك النتائج، وتقبل احتمالية عدم تحقيق ما نرغب به لأسباب خارج إرادتنا.
غالباً ما نشعر بأننا مجبرون على تلبية توقعات الأسرة أو المجتمع، ما يضيف علينا ضغوطاً قد لا تتماشى مع قيمنا الشخصية. لكن الحقيقة هي أن هذه التوقعات ليست من مسؤولياتنا، ولا ينبغي أن تشكل قيوداً على حريتنا في اختيار ما يناسبنا.
تقول هوارد: "لمجرد أن أحدهم يتوقع منك شيئًا ما لا يعني أنه يجب عليك تحقيقه". قد تكون توقعات الآخرين غير عادلة أو غير ملائمة لشخصيتك وأهدافك. وعليه، من المهم وضع حدود واضحة بين ما هو من مسؤوليتك وبين ما لا ينبغي أن يشكل عبئًا عليك.
غالبًا ما تدفعنا مشاعر القلق للتشبث بفكرة السيطرة على الأمور من حولنا، ما يجعلنا نشعر بمسؤولية مفرطة تجاه كل شيء. توضح هوارد أن القلق يحاول حمايتنا عبر منحنا "وهم السيطرة"، لكن في النهاية هذا الوهم لا يجلب إلا القلق والتوتر الإضافي.
عندما تدفعك مشاعر القلق للاعتقاد بأنك مسؤول عن عواطف أو قرارات الآخرين، حاول أن تتذكر أن هذه الأفكار هي مجرد استجابة لمحاولة العقل لجعلنا نشعر بالأمان. يقول الخبراء إن إدراك هذه الحقيقة يساعدنا في تحقيق التعاطف الذاتي ويجعلنا أقل تعلقاً بما لا يمكننا تغييره.
في النهاية، قد يكون التخلي عن التحكم في ما لا يمكننا تغييره خطوة صعبة لكنها ضرورية، فهي تساعدنا على تخفيف الضغوط النفسية والاستمتاع بحياة أكثر توازناً وراحة.