في عالم يركز كثيرًا على قيمة المظهر الخارجي، خاصةً بالنسبة للنساء، تلعب الأمهات دورًا محوريًّا في صياغة نظرة بناتهن لأنفسهن، فالكلمات التي تتردد على ألسن الأمهات، سواء كانت إشادات أم انتقادات، تترك بصمة عميقة في نفوس البنات.
التعليقات المتكررة على الوزن أو الشكل، حتى لو كانت بنية حسنة، قد تزرع بذور الشك وعدم الرضا عن الجسد.
كما أن سلوك الأمهات اليومي، مثل التركيز المفرط على المظهر أو اتباع أنظمة غذائية قاسية، يرسل رسائل غير مباشرة لبناتهن تؤكد أن القيمة تكمن في الجمال الخارجي وحده.
الدكتورة صوفي إس. وايناشت، أستاذة في علم النفس بجامعة دومينيكان في كاليفورنيا، ومؤسسة مختبر أبحاث BIAS، ومتخصصة في علاج اضطرابات الأكل وصورة الجسم، تقدم بعض العلامات كيف تتأثر الفتيات بسلوك أمهاتهن حول صورة الجسد، وتنصح بتجنبها من خلال عدة طرق، وهي كالآتي:
تلعب الأم دورًا حيويًّا في تشكيل صورة الجسد لدى ابنتها، فمن خلال كونها قدوة، ترسل الأم رسائل قوية لابنتها حول القيمة الذاتية والجمال.
فإذا كانت الأم تعبر عن رضاها عن جسدها وتشجع ابنتها على ممارسة الرعاية الذاتية، فإنها تساعدها على بناء علاقة صحية مع نفسها.
وعلى العكس من ذلك، فإن الانتقادات المستمرة للجسد يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على نفسية الفتاة، لذا من المهم أن تستخدم الأم لغة إيجابية، وتشجع ابنتها على تقدير نفسها كما هي.
تشكل العلاقة بين الأم وابنتها أرضية خصبة لنمو قضايا صورة الجسد وتوارثها عبر الأجيال، فإذا كانت الأم تعاني اضطرابات في صورة جسدها، فإن ابنتها قد تتأثر بذلك بشكل كبير وتطور مشاكل مماثلة.
وتؤكد دراسة نشرت في مجلة "Body Image"، أن البنات اللائي يشهدن أمهاتهن غير راضيات عن أجسادهن يكن أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في قبول أنفسهن.
هذا النمط المتكرر من الانتقاد الذاتي والجسدي يمكن أن يخلق دورة مستمرة من عدم الرضا عن الذات.
من الضروري كسر هذه الدورة من خلال تقديم الدعم والتعليم اللازمين للأم والابنة.
تؤثر قضايا صورة الجسد لدى الأم بشكل مباشر على الرفاهية النفسية لابنتها، فالأم التي تعاني عدم رضا عن جسدها تعمل بوصفه نموذجًا يحتذى به لابنتها، ما يدفعها إلى تبني السلوكات نفسها والمعتقدات السلبية حول الجسد.
هذا النمط المتكرر من المقارنة بالنفس والتركيز على العيوب الجسدية يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية للابنة، إذ تصبح أكثر عرضة للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.
علاوةً على ذلك، فإن ملاحظة الأم تتبع أنظمة غذائية قاسية قد يدفع البنت إلى تقليد هذا السلوك، ما يعرضها لخطر الإصابة باضطرابات الأكل.
لذلك، من الضروري أن تعمل الأم على بناء علاقة صحية مع جسدها، وتشجع ابنتها على قبول نفسها كما هي.
نصائح للأمهات لتمكين فتياتهن حول الثقة بأجسادهن:
لتغيير النظرة السلبية للجسد التي تتوارثها الأجيال، يجب على الأمهات أن يعملن بجد على بناء صورة إيجابية عن الجسد لدى بناتهن.
يمكنهن تحقيق ذلك من خلال عدة طرق عملية، مثل التركيز على الصحة بدلًا من الرقم على الميزان.
ويمكن للأمهات تخصيص وقت للتحدث مع بناتهن عن صورة الجسد، وتشجيعهن على التعبير عن مخاوفهن ومشاعرهن بخصوص أجسادهن.
يمكن للأمهات أن يشجعن بناتهن على ممارسة الأنشطة البدنية التي يستمتعن بها، كالمشي أو الرقص، مع التركيز على الشعور بالنشاط والحيوية بدلًا من العد التنازلي للسعرات الحرارية.
يمكن للأمهات أن يبنين في بناتهن ثقة قوية بالنفس من خلال خلق بيئة منزلية داعمة تقدر الإنجازات الشخصية والصفات الداخلية.
وبدلًا من التركيز على المظهر الجسدي، يمكن للأمهات أن يحتفلن بإنجازات بناتهن في الدراسة والرياضة والأنشطة الأخرى.
هذا يشجع البنات على تقدير قدراتهن ومهاراتهن، ما يعزز ثقتهن بأنفسهن ويجعلهن أقل تأثرًا بالضغوط الاجتماعية المتعلقة بالمظهر.
في الختام، يعدُّ الاستثمار في بناء صورة إيجابية عن الجسد لدى البنات ليس مجرد خيار، بل هو استثمار في مستقبلهن.
فالبنات اللواتي ينشأن في بيئة تدعم القبول الذاتي والتنوع، يكن أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة والوصول إلى إمكاناتهن الكاملة.