العلاقات الإنسانية معقدة بطبيعتها، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الشريكين. قد يبدو أن الحب وحده كافٍ ليجعل الأمور تسير بسلاسة، ولكن الحقيقة هي أن العديد من الأزواج يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من الخلافات المتكررة، مما يثير تساؤلاً شائعاً: "إذا كنا نحب بعضنا البعض، فلماذا نتشاجر كثيراً؟"
في هذا المقال نستعرض أهم الأسباب التي تجعل الكثير من الشركاء يغرقون في دوامة من الشجارات التي لا تنتهي.
أحد الأسباب الرئيسة وراء هذه الخلافات حسب موقع SoulCare Counseling هو ما يُعرف بـ "الدورة السلبية"، وهي نمط متكرر من السلوكيات التي تنشأ عندما يشعر أحد الشريكين أو كلاهما بتهديد في اتصالهم العاطفي.
نحن كبشر مبرمجون للسعي وراء الحب والاتصال، لكن عندما يُهدد هذا الاتصال، يلجأ العديد منا إلى ردود أفعال عاطفية غير بنّاءة.
قد تشمل هذه الردود النقد، الصمت، أو حتى الابتعاد. ما يحدث هنا هو أن هذه التصرفات، بدلاً من أن تعزز العلاقة، تزيد التوتر وتعمّق الشعور بالانعزال.
يمكن تشبيه الدورة السلبية برقصة متكررة. عادة ما يلعب الشريكان دورين رئيسين:
يسعى إلى المزيد من الاتصال العاطفي، ولكنه يعبر عن ذلك بالغضب، والنقد، أو الإصرار المفرط.
يتجنب العاطفة بسبب شعوره بعدم الأمان أو خوفه من التصعيد، ما يؤدي إلى الصمت أو الانسحاب.
هذا النمط يُطلق عليه "رقصة الانفصال"، حيث يحاول كل طرف بأسلوبه الخاص أن يستعيد الشعور بالاتصال، لكنه في الحقيقة يزيد الهوة بينهما.
الصراعات المستمرة لا تنشأ من قلة الحب، بل غالباً من شعور عميق بالخوف من فقدان الاتصال. المطارد يشعر بأنه غير مرئي أو غير مُقدَّر، بينما المنسحب يشعر بأنه غير قادر على تلبية التوقعات، أو أنه دائم الفشل في التواصل. هذه المشاعر تغذي دورة الصراعات، وتجعلها أكثر تعقيداً.
يمكن أن تأخذ هذه الصراعات ثلاثة أشكال رئيسة:
الحل يكمن في فهم هذه الدورة والتعامل معها بوعي. يمكن للأزواج تحقيق ذلك من خلال تعلم كيفية التعبير عن احتياجاتهم بوضوح واحترام. على سبيل المثال، بدلاً من اللجوء إلى النقد أو الغضب، يمكن للمطارد أن يقول: "أشعر بالبعد بيننا وأحتاج إلى أن أشعر بقربك." أما المنسحب، فيمكنه محاولة تقديم استجابة عاطفية بدلاً من الانسحاب التام.
العلاج العاطفي المركّز (EFT) يعتبر أداة فعّالة لكسر هذه الدائرة. يساعد هذا النوع من العلاج الأزواج على التعرف إلى أنماطهم السلبية، وفهم جذورها العاطفية، وتعلم طرق جديدة للتواصل. من خلال هذا النهج، يتمكن الأزواج من بناء اتصال عاطفي أكثر صحة واستقرارًا.
وختامًا، فإن الحب لا يعني غياب الخلافات، بل هو القدرة على تجاوزها بوعي وتفاهم. إذا وجدتم أنفسكم عالقين في دوامة من الصراعات، فلا تخجلوا من طلب المساعدة. لأن العلاقات القوية ليست تلك التي تخلو من التحديات، بل تلك التي تواجهها بشجاعة وحكمة.