أن تفقد حقيقتك ونفسك بسبب أي علاقة، يعني حتمًا أنك ستفقد هذه العلاقة بشكل أو بآخر، لأن الحفاظ على أصالتك يعني أنك تتصرف على حقيقتك التامّة، التي سيتعوّد عليها الطرف الآخر، أو يرفضها منذ البداية، بعيدًا عن المد والجزر المطوّل الذي ينتهي بفشل العلاقة عندما يتعب الطرفان من تمثيل شخصيتهما.
في هذا المقال، نستعرض رأي اختصاصية علاج العلاقات الزوجية والأسرة، الدكتورة "سو جونسون"، حول دور الأصالة في تعزيز التواصل العميق مع الآخرين. تؤكد الدكتورة جونسون أن هذا المفهوم البسيط يتطلب وعيًا عميقًا وفهمًا حقيقيًا للعواطف الإنسانية؛ ما يسهم في بناء علاقات صحية ومستدامة.
قد يتساءل البعض عن السبب وراء صعوبة كوننا أنفسنا في العلاقات. هل تكمن المشكلة في اختيار الشريك، أم أن المشكلة تبدأ من أنفسنا؟ حتى في العلاقات الصحية، قد نجد صعوبة في التعبير عن مشاعرنا الحقيقية، ويرجع ذلك إلى جروح الماضي التي تحول دون الشعور بالأمان والثقة للتعبير عن أصالتنا.
تكتسب بعض العادات في الطفولة، مثل محاولة كسب قبول الآخرين؛ ما يدفعنا إلى تبني آليات سلوكية معينة. هذه الآليات قد تجعلنا نتجنب الانفتاح، ونتعلم كيفية التعبير الآمن عن مشاعرنا.
تتفاوت تجارب الصدمة، بدءًا من أحداث جسيمة مثل الاعتداءات وصولًا إلى تجارب أصغر قد تبدو غير مؤلمة، لكنها تؤثر في نظرتنا إلى أنفسنا وللآخرين. إن الصدمة ليست دائمًا حدثًا كارثيًا؛ فقد تتعلق بمواقف مثل الإهمال أو الانتقاد. لذلك، من الضروري أن نفهم أن الصدمة تتعلق بتجربتنا الشخصيّة. ولها الأثر الكبير على مقدرتنا على الانفتاح من عدمه.
تُعتبر القدرة على المشاركة بصدق من أهم وسائل بناء العلاقات. عندما يشعر الشريك بأنه في أمان يستطيع التعبير عن نفسه، ويتمكن من أن يكون أصيلًا أكثر، ويظهر حقيقته كما هي.
للأسف، يواجه العديد من الأزواج صعوبة في الاستماع لبعضهم البعض أثناء النزاعات؛ بسبب انعدام الأمان العاطفي. لذا، من الضروري تجاوز الأجندات الشخصية والتركيز على ما يقوله الشريك؛ ما يمنحه شعورًا بالأمان، ويتيح له الانفتاح.
لا يوجد إنسان مثالي، وكلنا نخطئ. لكن ما يمكننا فعله هو الاعتراف بأخطائنا والسعي لتصحيحها. أظهرت أبحاث جون غوتمان أن الأزواج السعداء لا يتجنبون النزاعات، بل يعرفون كيف يعودون إلى المسار الصحيح من خلال تقديم اعتذارات وإصلاح العلاقات.
تحقيق الأصالة في العلاقات يتطلب بيئة خالية من الاحتقار والشعور بالذنب. في الأجواء السلبية، يصبح الانفتاح أمرًا صعبًا. لذا، من الضروري خلق مساحة آمنة حيث يشعر كل شريك بأنه جزء من فريق واحد. تعزيز الأمان العاطفي هو الخطوة الأولى نحو بناء علاقة صحية مليئة بالأصالة والترابط؛ ما يزيد من شعورنا بالانتماء والأمان.