في مجال العلوم، يتسابق الباحثون لفهم أسباب الشيخوخة وكيفية قياسها. فقد أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة "Frontiers in Aging" أن تقنية مبتكرة تُعرف باسم "CheekAge" تستطيع توقع خطر الوفاة بدقة، مستخدمةً بيانات الميثيلاز المعروفة في خلايا الخد.
هذه التقنية تعيد تعريف كيفية قياس العمر البيولوجي، موفرةً أداة جديدة لعلماء الأحياء والباحثين في مجالات الصحة.
العوامل المؤثرة على الشيخوخة
بينما يشيخ الجميع، لا تتقدم جميع أجسادنا في العمر بنفس الوتيرة. فبعض الأفراد، مثل المعمرين الذين تجاوزوا المئة عام، يبدو أنهم يعيشون لفترات طويلة دون علامات الشيخوخة.
تعود هذه الظاهرة إلى مجموعة من العوامل، منها العوامل الوراثية والسلوكية. فالتوتر، والنوم غير الكافي، وسوء التغذية، والتدخين، واستهلاك الكحول، كلها عوامل تؤدي إلى تسريع عملية الشيخوخة.
وفي هذا السياق، يقوم العلماء بدراسة التأثيرات البيئية على نومنا؛ ما قد يساعد في تطوير "ساعة بيولوجية" تقيس هذه التأثيرات.
اختبار مسحة الخد كآلية جديدة لقياس الساعة البيولوجية
ما هو CheekAge؟
تطور مفهوم CheekAge ليكون واحدًا من أبرز مؤشرات الساعات البيولوجية. بدلًا من جمع عينات من الدم، الذي قد يكون مؤلمًا ويشكل ضغطًا على المريض، يعتمد اختبار الـ CheekAge على عينات مأخوذة من خلايا الخد؛ ما يسهل عملية الجمع ويجعلها أقل إجهادًا.
هذه التقنية الجديدة، التي طوّرت باستخدام بيانات الميثيلاز من حوالي 200,000 موقع جيني، تم تدريبها لتكون مرتبطة بعوامل الصحة ونمط الحياة.
نتائج الدراسة
تضمن البحث دراسة بيانات 1,513 من الرجال والنساء، الذين وُلدوا بين عامي 1921 و1936. من خلال متابعة هؤلاء المشاركين على مدى حياتهم، قام الباحثون بمقارنة مستويات الميثيلاز المرتبطة ببيانات الوفاة، ووجدوا أن CheekAge ترتبط ارتباطًا قويًا بمخاطر الوفاة.
فقد أظهرت النتائج أنه مع كل زيادة بمقدار انحراف معياري واحد في CheekAge، تزداد نسبة خطر الوفاة بنسبة 21%.
الآفاق المستقبلية
ما يميز هذه الدراسة هو إمكانية استخدام بيانات الميثيلاز من خلايا الخد للتنبؤ بمخاطر الوفاة حتى عندما تُستخدم بيانات أخرى مثل عينات الدم. هذا يشير إلى وجود إشارات شائعة للموت عبر الأنسجة المختلفة؛ ما يعزز من قيمة استخدام خزع الخد كبديل غير مؤلم لدراسة علم الشيخوخة.
يعتبر الدكتور ماكسيم شوخيريف، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن تحديد مواقع الميثيلاز المرتبطة بمخاطر الوفاة قد يفتح الباب لفهم أفضل للعمليات الجينية التي تؤثر على العمر.
فمن الممكن أن تكون الجينات القريبة من هذه المواقع مثل PDZRN4 وALPK2، والتي تم ربطها بالسرطان وصحة القلب، مفتاحًا لفهم كيفية تأثير هذه العوامل على طول العمر وصحة الإنسان.
تقدم تقنية CheekAge نموذجًا واعدًا لكيفية قياس الشيخوخة بشكل أكثر دقة وسهولة. مع المزيد من الأبحاث، يمكن أن تساهم هذه التقنية في تحديد ما إذا كانت هناك عوامل أخرى تؤثر على الصحة والعمر، مثل الأمراض المرتبطة بالشيخوخة ومدى جودة الحياة.
بينما نستمر في استكشاف عجائب علم الشيخوخة، تظل الأمل في فهم كيفية العيش لفترة أطول وأفضل.
