في خطوة علمية بارزة، نجح فريق من الباحثين في مايو كلينك في تطوير أداة حاسوبية متقدمة لقياس صحة الحَيُّوم الدقيق المعوي بدقة عالية.
وتُعرف هذه الأداة باسم "مؤشر صحة الحَيُّوم الدقيق المعوي 2"، وقد تمكنت من تحليل تريليونات الكائنات الحية الدقيقة في الجهاز الهضمي؛ ما يوفر رؤية شاملة حول الصحة الفردية.
تعتمد الأداة على تحليل عينات البراز باستخدام تقنيات المعلوماتية الحيوية والتعلم الآلي، حيث تقوم بتقييم مجتمعات الحَيُّوم الدقيق الموجودة في الأمعاء. ومن خلال مقارنة النتائج مع بيانات مرجعية، يمكن للأداة تحديد ما إذا كان الحَيُّوم الدقيق في حالة صحية، أو يعاني من خلل.
وأشارت مايو كلينك في الدراسة التي نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز إلى أن الأداة أظهرت دقة تصل إلى 80% في التفريق بين الأفراد الأصحاء وأولئك المصابين بأمراض.
تم تطوير هذه الأداة من خلال دراسة 8000 عينة براز تعود إلى أشخاص يعانون أمراضًا مختلفة، وينتمون إلى مناطق جغرافية متنوعة. واستخدم الباحثون بيانات جمعت من 54 دراسة أجريت في 26 دولة عبر 6 قارات؛ ما أتاح لهم إنشاء مجموعة بيانات شاملة لتحليل صحة الحَيُّوم الدقيق المعوي.
تتميز الأداة بقدرتها على اكتشاف التغيرات الطفيفة في صحة الأمعاء قبل أن تتفاقم إلى أمراض مزمنة؛ ما يسمح بالتدخل المبكر. كما تساعد على فهم العلاقة المعقدة بين الحَيُّوم الدقيق والأمراض؛ ما يتيح تطوير علاجات مخصصة لكل فرد بناءً على حالته الفريدة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الأداة لتقييم فعالية العلاجات المختلفة مثل البروبيوتيك أو التغييرات في النظام الغذائي؛ ما يساهم في تحسين صحة الأمعاء. وتوفر الأداة فوائد متعددة لصحة الأفراد، بما في ذلك تمكينهم من اتخاذ قرارات صحية مستنيرة حول نظامهم الغذائي وأسلوب حياتهم، والوقاية من الأمراض من خلال الكشف المبكر عن المشكلات الصحية.
تساهم هذه الأداة أيضًا في تحسين جودة الحياة عبر الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي والوقاية من الأمراض.
صرح الدكتور جايون سونغ، المؤلف الأول وعالم الأحياء الحاسوبية في برنامج الحَيُّوم الدقيق بمركز الطب الفردي لمايو كلينك، قائلًا: أخيرًا، أصبح لدينا مؤشر قياسي يتيح قياس صحة الحَيُّوم الدقيق المعوي للشخص بشكل كمي. أداتنا ليست مصممة لتشخيص أمراض بعينها، بل لتكون مؤشرًا استباقيًا لصحة الأمعاء.
وأضاف سونغ: من خلال رصد التغيرات الضارة في صحة الأمعاء قبل أن تتفاقم إلى أعراض خطيرة، يمكن لهذه الأداة أن تقدم توصيات بشأن تعديلات النظام الغذائي أو نمط الحياة المطلوب إدخالها. كما يمكنها توجيه الأفراد إلى إجراء المزيد من الاختبارات التشخيصية إذا لزم الأمر. هدفنا في نهاية الأمر هو تمكين الأفراد من اتخاذ خطوات استباقية لإدارة صحتهم.
ويخطط الدكتور سونغ وفريقه لمواصلة تطوير الأداة من خلال توسيع قاعدة البيانات ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا. الهدف النهائي هو جعل هذه الأداة متاحة للجميع؛ ما يساهم في تحسين صحة الإنسان حول العالم.