اتسعت رقعة انتشار اكتئاب ما بعد الولادة بين النساء حول العالم، وباتت تصيب نحو 15% من الأمهات، سواء قبل أو خلال مدة تصل إلى 12 شهرا بعد الولادة.
واكتئاب ما بعد الولادة PPD حالة طبية تصاب بها 1 من كل 10 نساء بعد إنجاب طفل، وهي عبارة عن خليط من مشاعر قوية تتضمن الحزن والقلق والتعب، وتعد من المضاعفات الأكثر شيوعًا بالنسبة للنساء اللاتي أنجبن للتو.
ويحدث اكتئاب ما بعد الولادة في أي وقت أثناء الحمل أو في السنة الأولى بعد الولادة، لكن غالبًا يبدأ خلال 1 إلى 3 أسابيع من ولادة الطفل، ومن الضروري علاجه لتتحسن حالة الأم وتستطيع الاعتناء بنفسها وطفلها.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
أوضحت هيئة الخدمات الصحية البريطانية، عبر موقعها nhs.uk، أن سبب اكتئاب ما بعد الولادة ليس واضحا تماما، لكن هناك عددا من الأشياء التي قد تجعل الأم أكثر عرضة للإصابة وتشمل هذه:
- تاريخ من مشاكل الصحة العقلية في وقت مبكر من الحياة، خاصة الاكتئاب
- تاريخ من مشاكل الصحة العقلية أثناء الحمل
- عدم وجود عائلة أو أصدقاء مقربين لدعم الحامل
- علاقة صعبة مع الزوج أو شريك الحياة
- الصدمات الجسدية أو النفسية، مثل العنف المنزلي
- فكرة الإنجاب باعتبارها تغير حياة الأم قد تؤدي إلى الاكتئاب
بينما تحدث موقع talkiatry عن تأثير الهرمونات على اكتئاب ما بعد الولادة، موضحا أن الباحثين يعتقدون أن التقلبات الهرمونية والوراثة قد تلعب دورًا في تطور اكتئاب ما بعد الولادة.
وشرح: خلال فترة الحمل، تكون مستويات الهرمون لديك في أعلى مستوياتها على الإطلاق، لكنها تنخفض بشكل كبير بعد الولادة ما قد يؤدي إلى بعض الأعراض الكلاسيكية للكآبة النفاسية.
وأضافت أن الباحثين يعتقدون أن التقلبات الهرمونية، وتحديدًا انخفاض هرمون البروجسترون، قد تسهم أيضًا في ظهور اكتئاب ما بعد الولادة (PPD).
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
رأى موقع clevelandclinic أن اكتئاب ما بعد الولادة شائع للغاية ما يستدعي ألا يشعر المصابون به بالخجل، واستعرض أبرز علامات اكتئاب ما بعد الولادة كما يلي:
- الشعور بالحزن أو اليأس أو الذنب.
- القلق المفرط أو الشعور بالتوتر.
- فقدان الاهتمام بالهوايات.
- تغيرات في الشهية أو عدم تناول الطعام.
- صعوبة في النوم أو الرغبة في النوم طوال الوقت.
- البكاء دون سبب أو بشكل مفرط.
- صعوبة في التفكير أو التركيز.
- التفكير بالانتحار أو تمني الموت.
- عدم الاهتمام بطفلك أو الشعور بالقلق حياله.
- أفكار لإيذاء طفلك أو رفضه.
مخاطر اكتئاب ما بعد الولادة
شدد موقع womenshealth على عدم إهمال علاج اكتئاب ما بعد الولادة، إذ يؤثر على الأم، ويسبب ما يلي:
- مواجهة صعوبة في التركيز على احتياجات الطفل ورعايته
- عدم وجود طاقة للاعتناء بنفسك
- الشعور بتقلب المزاج
- لديك خطر أكبر لمحاولة الانتحار
- الشعور بالسوء تجاه نفسك ما يجعل الاكتئاب أسوأ
ويعتقد الباحثون أن اكتئاب ما بعد الولادة لدى الأم يمكن أن يؤثر في النمو الصحي لطفلها ويسبب:
- تأخرا في تطور اللغة ومشاكل في التعلم
- مشاكل في الترابط بين الأم والطفل
- مشاكل السلوك
- المزيد من البكاء أو الانفعال
- قصر القامة وارتفاع خطر السمنة لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.
- مشاكل في التعامل مع التوتر والتكيف مع المدرسة والمواقف الاجتماعية الأخرى
مدة اكتئاب ما بعد الولادة
ذكر موقع healthline أن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يحدث في أي وقت من أسبوعين إلى 12 شهرًا بعد الولادة، مشددا على أنه لا يوجد متوسط لطول الوقت الذي يستمر فيه.
ووفقا لمراجعة الدراسات التي أجريت في هذا الشأن، فإن أعراض اكتئاب ما بعد الولادة تتحسن بمرور الوقت، مع انتهاء العديد من حالات الاكتئاب بعد 3 إلى 6 أشهر من بدايتها.
وأوضحت الدراسات أن من 30 إلى 50% تخطين فترة اكتئاب ما بعد الولادة بعد عام واحد من الولادة، في حين أن قليلات فقط ما زلن يعانين أعراض الاكتئاب بعد 3 سنوات من الولادة.
متى يجب استشارة الطبيب بشأن اكتئاب ما بعد الولادة؟
نصح موقع womenshealth النساء بضرورة اللجوء لطبيب بعد الولادة إذا كانت تعاني الآتي:
- لا تختفي أعراض الكآبة النفاسية بعد أسبوعين من الولادة، أو تكون شديدة جدًا
- من الصعب العمل أو إنجاز الأمور في المنزل
- لا يمكنك رعاية نفسك أو طفلك (مثل الأكل والنوم والاستحمام)
- لديك أفكار حول إيذاء نفسك أو طفلك
علاج اكتئاب ما بعد الولادة القيصرية
أوضح موقع nhs.uk أن اكتئاب ما بعد الولادة، خصوصا القيصرية، قد يكون صعبا ومزعجا، لكن هناك العديد من العلاجات الفعالة المتاحة، وتشمل:
- المساعدة الذاتية: الأشياء التي يمكنك تجربتها بنفسك تشمل التحدث مع عائلتك وأصدقائك حول مشاعرك وما يمكنهم فعله للمساعدة، وتخصيص وقت لنفسك للقيام بالأشياء التي تستمتعين بها، والراحة كلما سنحت لك الفرصة، والحصول على القدر الكافي من النوم. يمكن في الليل، ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول نظام غذائي صحي.
- العلاج بالكلام: قد يكون الطبيب المختص قادرًا على التوصية بدورة مساعدة ذاتية، أو قد يحيلك لدورة علاجية، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
- مضادات الاكتئاب: يوصي الطبيب المختص بها إذا كان اكتئابك أكثر شدة، أو لم تساعد العلاجات الأخرى، إذ يصف دواءً آمنًا لتناوله أثناء الرضاعة الطبيعية.
دور الزوج في اكتئاب ما بعد الولادة
نقلت معاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة ما توصلت إليه العديد من الدراسات بشأن دور الزوج في مساعدة شريكة حياته في تخطي فترة اكتئاب ما بعد الولادة.
وقالت: يلعب الزوج، باعتباره الشريك الأقرب، دورًا مهمًا في مساعدة المرأة في أوقات التوتر والاكتئاب، ووُجد أن الأمهات بعد الولادة اللاتي يتمتعن بقدر أقل من الرضا الزوجي والدعم المحدود من أزواجهن أكثر عرضة لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
إضافة إلى ذلك، قد تكون المرأة التي تتمتع بعلاقة إيجابية ومستقرة وآمنة مع زوجها أكثر قدرة على التعامل مع هذا الاكتئاب، لذا فإن تبني ممارسات صحية إيجابية بين الزوجين يدعم صحة الأم النفسية، ويساعدها على تخطي فترة الاكتئاب بعد الولادة.
بينما نصح موقع psychologytoday الأزواج بفعل ما يلي لمساعدة الأمهات على تخطي فترة اكتئاب ما بعد الولادة:
- أخبرها أنك تعلم أنها تشعر بالفزع.
- أخبرها أنها سوف تتحسن.
- أخبرها أنها تفعل كل الأشياء الصحيحة لتتحسن (العلاج والأدوية وما إلى ذلك).
- أخبرها أنها لا تزال قادرة على أن تكون أمًا جيدة، حتى لو كانت تشعر بالسوء.
- أخبرها أنه لا بأس من ارتكاب الأخطاء؛ ليس عليها أن تفعل كل شيء على أكمل وجه.
- أخبرها أنك تعرف مدى صعوبة عملها في هذا الآن.
- أخبرها أنك تعلم أنها تبذل قصارى جهدها.
- أخبرها أنك تحبها.
- أخبرها أن طفلكما سيكون بخير.
نصائح للتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة
قدم موقع womenshealth مجموعة نصائح لمن تعاني اكتئاب ما بعد الولادة للشعور بتحسن، وتشمل:
- الراحة بقدر ما تستطيع
- النوم عندما يكون الطفل نائما
- طلب المساعدة من شريكك وعائلتك وأصدقائك وعدم فعل كل شيء بنفسك.
- تخصيص وقت للخروج أو زيارة الأصدقاء أو قضاء بعض الوقت بمفردك مع شريك حياتك.
- التحدث عن مشاعرك مع شريكك وأفراد العائلة الداعمين والأصدقاء
- التحدث مع أمهات أخريات، حتى تتمكني من التعلم من تجاربهن
- الانضمام إلى مجموعة دعم في محيطك
- عدم إجراء أي تغييرات كبيرة في حياتك مباشرة بعد الولادة، لأنها تسبب ضغوطًا لا لزوم لها.
الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة
ذكر موقع talkiatry أنه لا يمكن منع اكتئاب ما بعد الولادة أو أي حالة صحية عقلية أخرى بشكل نهائي، لكن هناك بعض الأشياء التي يمكن فعلها لتقليل المخاطر وتشمل:
- التواصل مع الطبيب الخاص: الذهاب للمواعيد الطبية يساعد على اكتشاف طبيبك علامات القلق والمخاوف المبكرة سواء خلال الحمل، أو بعد الولادة، ما يسهم في التدخل السريع لتفادي قبل تفاقم الأمر ووصوله لاكتئاب.
- طلب الدعم من الأحباء: من المهم طلب الدعم من المحيطين والمقربين عند الحاجة إلى ذلك بعد الولادة؛ للمساعدة على تحسين الصحة العقلية وتقليل التوتر.
- الانضمام إلى مجموعة دعم: من المفيد أن يكون لديك شخص تتحدث إليه عندما تشعر بالتوتر أو الإرهاق، يمكن أيضًا أن تكون مجموعات الدعم للأمهات الجدد مكانًا رائعًا للقاء أصدقاء جدد.
- الالتزام بخطة العلاج: إن الإصابة بالاكتئاب قبل أو أثناء الحمل يمكن أن تزيد خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، لكن ما يقلل المخاطر هو الالتزام بأي أدوية أو علاجات أوصى بها طبيبك أثناء الحمل.
- ممارسة الرعاية الذاتية أثناء الحمل وبعد الولادة: التوتر الشديد يزيد خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، لذا من المهم تخصيص وقت للاسترخاء والتخطيط للأنشطة التي تساعدك على الشعور بالراحة.
- تغذية الجسم بالأطعمة الجيدة وممارسة الرياضة: إن تناول الطعام بشكل جيد وممارسة الرياضة ليس مفيدًا لطفلك الذي ينمو فحسب، بل إنه مفيد لصحتك العقلية.
- القرب من الطبيعة: أثبتت الطبيعة وأشعة الشمس فعاليتها بشكل طبيعي في علاج الاكتئاب؛ لذا من المهم المشي أو الجلوس في الخارج إذا سمح الطقس بذلك لتعزيز المزاج والمساعدة على النوم بشكل أفضل في الليل.
