تشير الدراسات الحديثة إلى أن النساء قد يحتجن إلى ساعات نوم أكثر من الرجال، ويرتبط ذلك بتقلبات هرمونية تمر بها النساء في مراحل مختلفة من الحياة مثل الحمل وانقطاع الطمث.
على الرغم من أن متوسط ساعات النوم للنساء أعلى قليلًا من متوسط ساعات نوم الرجال، إلا أن العلماء لم يتمكنوا من الوصول إلى استنتاج قاطع حول ما إذا كانت النساء بحاجة فعلية إلى نوم إضافي، أم أن الرجال ببساطة لا يحصلون على كفايتهم من النوم.
في هذا المقال، سنستعرض العوامل التي تؤثر على احتياجات النوم لدى النساء في مراحل متعددة، وسنتطرق إلى المشكلات الشائعة التي تواجهها النساء خلال هذه الفترات، وكيف يمكن أن تؤثر اضطرابات النوم عليهن بشكل أكبر من الرجال.
تؤثر التغيرات الهرمونية بشكل ملحوظ على جودة النوم لدى النساء، حيث أوضحت "كين إم يون" المتخصصة في طب النوم في "UCSF Health" والمتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، أن النساء يمررن بتغيرات هرمونية تؤثر على ساعات النوم من مرحلة الطفولة وحتى مراحل متقدمة من العمر. فعلى سبيل المثال، قد تحصل الرضيعات الإناث على فترة نوم أطول من الرضع الذكور، ويستمر هذا النمط حتى في سنوات المراهقة، حيث تواجه الفتيات والنساء تحديات إضافية في جودة النوم.
يمر جسم المرأة بتغيرات هرمونية عديدة أثناء الحمل؛ ما يؤثر على نمط نومها بشكل كبير. ووفقًا لما ذكرته "ميشيل دريب" مديرة طب النوم السلوكي في مركز اضطرابات النوم التابع لمستشفى كليفلاند كلينك، فإن الحمل يسبب تقلبات في مستويات الهرمونات طوال الفترات الثلاث للحمل؛ ما يؤدي إلى الشعور بالإرهاق، والنعاس، والحاجة المتكررة للتبول أثناء الليل. هذه الأعراض تعزز من احتمالية تقطع النوم ليلًا، وتجعل النساء في حاجة إلى مزيد من الراحة للتغلب على الإرهاق الناتج عن الحمل.
تواجه النساء اللواتي يمررن بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو انقطاع الطمث نفسه صعوبة في النوم، حيث تؤدي التقلبات في مستويات الهرمونات، مثل الإستروجين والبروجستيرون، إلى أعراض تشمل الهبّات الساخنة والتعرق الليلي.
ويضيف "يوناتان غرينشتاين" الأستاذ المساعد في كلية روتجرز للطب، أن انقطاع الطمث يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي، وهو اضطراب في النوم يؤدي إلى تقطع النوم بشكل مستمر.
تفسير هذا الأمر يعود إلى انخفاض مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون بعد انقطاع الطمث، وهما الهرمونان اللذان كانا يلعبان دورًا وقائيًا للنساء. فمع انخفاضهما، تصبح الممرات الهوائية العليا أكثر عرضة للانغلاق أثناء النوم؛ ما يزيد من فرص حدوث اضطراب انقطاع النفس، وبالتالي يؤثر على جودة النوم.
ينصح الأطباء بضرورة الحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم لكل من الرجال والنساء، إلا أن بعض النساء قد يحتجن إلى ساعات نوم إضافية بسبب التغيرات الهرمونية التي تؤثر على جودة النوم.
وبالرغم من ذلك، فإن حاجة الفرد للنوم قد تختلف من شخص لآخر بناءً على نمط الحياة، واحتياجات الجسم الفردية.
تقول "بيلين باتور"، الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء بمستشفى كليفلاند كلينك، إنه يجب على كل شخص تقييم احتياجاته الخاصة من النوم ومراقبة شعوره عند الاستيقاظ؛ فإذا كانت المرأة تحصل على نوم كافٍ وتمارس عادات نوم صحية ولا تزال تشعر بالتعب خلال النهار، فقد يكون من الأفضل لها استشارة أخصائي في طب النوم.
تشير بعض الدراسات إلى أن النساء يميلن إلى النوم لفترات أطول من الرجال، إلا أن هذا الاستنتاج يعتمد غالبًا على بيانات استبيانية أو سجلات يومية للتقارير الذاتية؛ ما يجعل النتائج غير دقيقة بدرجة كبيرة.
ويضيف "غرينشتاين" أن غياب الموضوعية في بعض هذه الدراسات يصعّب الوصول إلى استنتاجات علمية دقيقة. ومع ذلك، فالأدلة تشير إلى أن النساء قد يحتجن إلى نوم إضافي بسبب تأثيرات الحمل، وانقطاع الطمث، وغيرها من العوامل التي تؤثر على نمط النوم.
وتشير الدراسات المتزايدة إلى أهمية النوم الجيد للوقاية من العديد من المشكلات الصحية، فهو يلعب دورًا حيويًا في تعزيز صحة الجهاز المناعي، وتنظيم المزاج، وتحسين الأداء العقلي والبدني. ومع ذلك، فإن اختلاف احتياجات النوم بين الأفراد تجعل من الصعب تقديم توصيات ثابتة حول عدد الساعات المطلوبة للجميع.
في الختام، يبدو أن النساء قد يحتجن إلى المزيد من النوم مقارنة بالرجال، خاصة في مراحل معينة من حياتهن. ومع ذلك، يظل النوم عاملًا أساسيًا للجميع، ويُنصح بالاهتمام بعادات النوم الصحية والالتزام بساعات نوم كافية، ومراقبة تأثيرها على النشاط اليومي. فالحصول على نوم جيد لا يقتصر على الجنس أو العمر، بل هو احتياج إنساني يسهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام.