قد تبدو عملية تنظيف الأسنان باستخدام الخيط مجرد روتين يومي بسيط، لكنها تحمل في طياتها أكثر من مجرد الحفاظ على نظافة الفم وتجديد الأنفاس؛ إذ تشير الأبحاث الحديثة إلى أن العناية بالفم قد تكون مفتاحًا لتحسين صحتك العامة، وربما إطالة عمرك.
تقول أنيتا أمينوشاري، أستاذة طب الأسنان في كلية طب الأسنان بجامعة كيس ويسترن ريزيرف، إن الناس غالبًا ما ينظرون إلى طب الأسنان باعتباره مجرد تخصص تجميلي. لكن في الواقع، فإن الفم ليس منفصلاً عن بقية الجسم؛ بل هو بوابة أساسية لصحتنا العامة، ومرتبط بصحة القلب، عمر الإنسان، وحتى الأمراض المزمنة.
يطلق الباحثون على هذا التداخل بين صحة الفم وصحة الجسم العامة "الرابط الفموي الجهازي"، وذلك لوجود ارتباطات قوية بين أمراض اللثة وأمراض أخرى، مثل السكري وأمراض القلب.
على سبيل المثال، توضح د. أنيتا أن تحسين صحة الفم لدى مرضى السكري يمكن أن يؤدي إلى تحسين مستويات السكر في الدم، والعكس صحيح.
وفي دراسة بجامعة كيس ويسترن، وجدت أمينوشاري وزملاؤها أن الأشخاص الذين لا ينظفون أسنانهم بانتظام، يعانون من فقدان كبير في الأسنان، وهم أكثر عرضة للوفاة؛ بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 66% مقارنةً بالأشخاص الذين يحتفظون بأسنانهم الطبيعية بفعل الفرشاة والتنظيف بالخيط.
هناك عدة تفسيرات لسبب ارتباط صحة الفم بالصحة العامة. أولها "الميكروبيوم"، وهو نظام معقد من البكتيريا والميكروبات الأخرى التي تعيش في جسم الإنسان، بما في ذلك الفم.
عندما لا نهتم بصحة الفم بشكل صحيح، تتغير التوازنات البكتيرية، مما يؤدي إلى التهابات في اللثة يمكن أن تؤثر على باقي الجسم.
وتوضح د. إيفون كابيلا، الأستاذة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، أن اللثة الملتهبة تسمح للبكتيريا والفيروسات بدخول مجرى الدم، حيث يمكن أن تنتشر وتسبب التهابات أو أمراض في أعضاء أخرى مثل القلب والدماغ.
توصي د. إيفون بتنظيف الأسنان مرتين يوميًا، وتشدد على استخدام خيط الأسنان بانتظام، ذلك أن الأخير يلعب دورًا كبيرًا في منع بقايا الطعام من التراكم، وبالتالي الوقاية من التهابات اللثة، وتقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض أخرى.
وينصح الخبراء بزيارة طبيب الأسنان مرتين سنويًا لضمان الكشف المبكر عن أي مشكلات صحية قد تكون في بدايتها.