إذا مارس أي أحد نشاطا فكريا، فإن آثار النشاط الجسدي الإيجابي على النشاط الفكري ستعجبه؛ فالنشاط الجسدي يخفف من القلق ويزيد الثقة بالنفس، كما يزيد القدرة على تحمل المتاعب ويساعد على النوم جيدا، ويزيد بالتأكيد من قدرة الفرد على التركيز.
وبشكل عام، تميل قدراتنا العقلية إلى التراجع بعد سن الأربعين، كما يقول المختص بالتغذية قتيبة محيسن. وقد أثبتت الرياضة أو المشي القدرة على الحد من هذا التراجع، كما تم أيضا تحديد هذه الفعالية بالأرقام؛ فالسير مسافة 1.5 كليوغرام يوميا يخفض خطر تراجع القدرات العقلية بمعدل 15%، وتكون النتيجة مماثلة تقريبا عند ممارسة أي نشاط يحرق الطاقة كممارسة كرة القدم مدة ساعتين أو لعب الغولف أسبوعيا على سبيل المثال.
الرياضة تكافح الاكتئاب أيضا
كما ثبتت أيضا، بحسب محيسن، قدرة الرياضة على مكافحة الاكتئاب؛ فالعديد من أطباء الأمراض النفسية ينصحون بممارستها، ويعدّونها نشاطا مكملا لعلاج الاكتئاب بشكل خاص وللعلاج النفسي بشكل عام وذلك بهدف تسريع عملية الشفاء.
وفي بعض حالات الاكتئاب البسيطة تشكل الرياضة حجر الزاوية في العلاج، وتجدر الإشارة إلى البدء في فهم تأثير الرياضة على المزاج؛ إذ ترفع معدل بعض المرسِلات العصبية في الدماغ كالإندورفين، أو الفينيلاتيلامين التي غالبا ما تتراجع في حال الاكتئاب، وبذلك تسمح برفع المعنويات إلى أعلى مستوى.
وتبيّن أيضا أن الرياضة أكثر فعالية من المشي في معالجة الاكتئاب؛ إذ إن الفينيلاتيلامين يزداد بشكل أوضح حينما يكون المجهود الجسدي مكثفا وصعبا نسبيا، وفي هذا المجال لا يخلو إلا قول المثل: "من جدّ وجدَ الصحة"، بحسب المختص.
ولكن الإفراط فيها مؤذٍ
يمكن لممارسة أي نشاط جسدي بشكل عنيف أن يكون خطرا، خاصة إذا مر وقت طويل، ولم يمارس فيه الشخص الرياضة؛ فعلى غرار قلة الحركة يمكن أن تكون ممارسة الرياضة بكثرة خطرة على القلب (جلطة)، وعلى المفاصل (داء المفاصل)، ومن ثم فإن نتائج التطرف في كلتا الحالتيْن هي نفسها، وفق محيسن.
كما أن ممارسة الرياضة على جهاز المشي (التردميل) أكثر من 10 – 15 دقيقة يمكن أن يؤدي إلى متاعب ومشاكل في الركب والمفاصل، لذلك يفضل في تلك الحالة المشي على الأقدام على الشارع.
قواعد إجراء النشاط الجسدي
هناك جملة من القواعد الذهبية عند إجراء النشاط الجسدي، يورد المختص محيسن بعضا منها.
أولا: العمل على إجراء فحص طبي عام قبل البدء في أي نشاط جسدي، للكشف عن أي خلل في القلب أو المفاصل، ولتحديد الرياضة الملائمة لكل شخص.
ثانيا: عدم إهمال فترة التحمية والتهيئة لممارسة النشاط.
ثالثا: الممارسة بانتظام لرياضة تتطلب قدرة على التحمُّل لكي يستفيد القلب إلى أقصى حد من نشاط الشخص الرياضي.
رابعا: التوقف عن التمرين عند الإحساس بأي عارض غير طبيعي في القلب أو التنفس.
خامسا: المحافظة على المفاصل إلى جانب اتباع نظام غذائي متوازن، مع تخصيص 3 ساعات للتمارين.
وما يخلص إليه محسين هو أنه في حال كان الشخص لا يملك الوقت ولا الرغبة في ممارسة الرياضة فليراهن على النشاطات اليومية؛ إذ إن ممارسة المشي أو العناية بالحديقة أو ركوب الدراجة الهوائية، أو العمل في المنزل مدة 5 – 6 ساعات يوميا على أن تقتصر نصف ساعة من هذه المدة بشكل متواصل تعود بالفائدة على الجسد، تطبيقا للمثل القائل: "درهم وقاية خير من قنطار علاج".