في ظل تزايد الوعي حول سرطان الثدي وأهمية العلاج المبكر، تبرز تحديات كبيرة تواجه النساء اللواتي يرفضن العلاج الجراحي.
الضغوط النفسية، الرغبة في الحفاظ على الجسم، والخوف من التدخلات الجراحية كلها عوامل تؤثر في اتخاذ القرار. ومع ذلك، فإن الطب يشير إلى أن الجراحة تظل إحدى أكثر الوسائل فاعلية في التصدي لسرطان الثدي، لا سيما في مراحله المبكرة والمتوسطة.
أحد الأمثلة الحديثة التي تجسد هذا الصراع هو قصة "أناندا لويس"، المراسلة السابقة في قناة MTV الأمريكية. حيث أعلنت لويس في تصريح مؤثر أنها رفضت الخضوع لعملية استئصال مزدوج للثدي، رغم وصولها إلى المرحلة الثالثة من المرض.
اعتقدت لويس أن التحول إلى نمط حياة صحي، يشمل تغيير النظام الغذائي والاهتمام بالنوم، سيكون كافيًا للتغلب على السرطان. لكنها اكتشفت لاحقًا أن السرطان قد انتشر في جسمها، ما جعلها تدخل المرحلة الرابعة من سرطان الثدي.
في بعض الحالات، وحسب مجلة هارفرد يمكن اتخاذ قرار بإجراء استئصال الورم فقط إذا كان الورم صغيرًا نسبيًّا مقارنة بحجم الثدي أو في موقع يسمح بذلك، بالإضافة إلى رغبة المريضة في الحفاظ على شكل الثدي.
هذا الخيار قد يتطلب علاجًا إشعاعيًّا بعد الجراحة لضمان إزالة أي خلايا سرطانية متبقية.
ومع ذلك، في حالات أخرى قد يكون من الضروري استئصال الثدي بالكامل لتقليل خطر عودة السرطان أو انتشاره في المستقبل.
متى يوصى باستئصال الثدي بدلًا من الورم؟
يعتمد استئصال الثدي بدلًا من الورم على "حجم الورم بالنسبة لحجم الثدي"، حسب ما ذكرت الدكتورة دورين أغنيس أخصائية الأورام الجراحية في مركز السرطان الشامل بجامعة ولاية أوهايو لمستشفى جيمس ومعهد سولوف للأبحاث، لمجلة Health.
وغالبًا ما يُوصي الأطباء بالجراحة لأنها الخيار الأفضل لديهم، وأكدت طبيبة جراحة الثدي ستيفاني داونز كانر في مركز ميموريال سلون كيترينغ لـHealth. "في الوقت الحالي، لا يوجد دليل على أنه يمكن علاج سرطان الثدي دون جراحة".
وتابعت "من المرحلة الأولى إلى الثالثة من سرطان الثدي، يمكن أن يُعالج، لكن بعدها لا يوجد أي سيناريو يمكننا فيه أن نتجاوز الجراحة".
كما أن قرار استئصال الثديين يأتي أحيانًا في إطار التدابير الوقائية، حيث قالت الدكتورة داونز كانر بأنه "عادةً نوصي باستئصال مزدوج للثدي للأشخاص الذين لديهم طفرات في جيناتهم، مثل BRCA، لأنهم أكثر عرضة لخطر انتشار السرطان".
وأوضحت بأن خطر الإصابة بسرطان الثدي مدى الحياة هو بنسبة 80% للأشخاص الذين لديهم طفرات جينية معينة، وبالتالي قد يختار الأشخاص في هذه الفئة أن يقوموا باستئصال الثدي المزدوج حتى لا يصابوا بالمرض.
أوضحت الدكتورة داونز كانر أن هناك أنواعًا من سرطان الثدي تنمو ببطء، في حين توجد أنواع أخرى شديدة العدوانية.
ومع تقدم مراحل السرطان، تزداد احتمالية انتشاره إلى أجزاء أخرى من الجسم. وبالتالي، رفض المريضة إجراء استئصال الورم أو الثدي يزيد بشكل كبير خطر انتشار السرطان.
أظهرت الدراسات، خاصة تلك التي أُجريت عام 2005، أن النساء اللواتي رفضن العلاج الجراحي كانت فرص نجاتهن لخمس سنوات أو أكثر أقل مقارنةً بالنساء اللواتي خضعن للجراحة، كما أن معدلات الوفاة بسبب سرطان الثدي كانت أعلى بينهن.
من جهتها، أكدت الدكتورة أغينيس أنها تحرص على إبقاء مريضاتها على دراية تامة عندما يقررن اختيار الطب البديل بدلًا من الجراحة.
وأوضحت: أقترح دائمًا على المريضات العودة لإعادة التقييم بعد بضعة أشهر. حتى لو لم تكن النتائج جيدة، تظل لدي فرصة لطرح السؤال: هل تفكرين في اللجوء إلى العلاج الطبي التقليدي في هذه المرحلة؟، مشيرة إلى العلاج الجراحي كخيار يمكن مناقشته إذا لزم الأمر.
في الختام، يتعين على النساء أن يكنّ واعيات لخياراتهن الصحية وأن يتحدثن مع الأطباء لفهم تأثير قراراتهن في مواجهة سرطان الثدي. التوعية المستمرة والمعلومات الدقيقة تلعبان دورًا حيويًّا في تحسين النتائج الصحية.