يطرح كتاب "قلق في المعنى" للباحث الجزائري مصطفى كيحل، الصادر عن دار النُّهى للنشر والترجمة، أسئلة نقدية تتعلق بقضايا فكرية متنوعة في مختلف مجالات الحياة.
ويسعى كيحل من خلال هذا الكتاب إلى تقديم إجابات عن هذه الأسئلة عبر مقاربات فكرية معمقة تتناول قضايا معاصرة، وتساعد على فهم السياقات الثقافية والسياسية والدينية التي تشكل حياتنا اليومية.
في مقدمة الكتاب، يوضح مصطفى كيحل أن المقالات التي تضمنها الكتاب هي حصيلة تفكير بدأ في تدوينها منذ عام 2019.
وأكد أن هدفه كان تقديم هذه المقالات بموضوعية، بعيدًا عن الأيديولوجيات المهيمنة، إذ ركز على تناول قضايا حيوية مثل: الحراك الشعبي، والربيع العربي، والجائحة، وقضايا البيئة، والحروب.
كما كان حريصًا على تحليل الخطابات المختلفة في مجالات الثقافة والعلم والسياسة والدين، مع اهتمام خاص بالتحولات التي شهدها العقد الثالث من الألفية الجديدة.
ركز كيحل في مقالاته على مناقشة العديد من المفاهيم الأساسية التي تتردد في الخطابات الفكرية، مثل: العلمانية، والهوية، والتسامح، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني.
كما تناول مفاهيم أخرى ذات طابع فكري وثقافي، مثل: التاريخ والتأويل والحرية، وناقش تأثير هذه المفاهيم في فهمنا للواقع. وقد تم تحليل هذه المفاهيم بعمق من خلال فحص حمولاتها المعرفية والأيديولوجية واستخداماتها السياسية.
لم يقتصر الكتاب على تحليل المفاهيم فقط، بل تناول أيضًا شخصيات فكرية مهمة، مثل: فرانز فانون، ومالك بن نبي، وإدغار موران. كما سلط الضوء على أفكارهم ومدى تأثيرهم في الفكر المعاصر؛ ما يعكس اهتمام الكاتب بتقديم دراسات مقارنة بين المفكرين في مختلف المجالات الفكرية والثقافية.
ينطلق كيحل في مقارباته من إيمانه بأننا نعيش في "فوضى مفاهيمية"، وهو ما يتطلب إصلاحًا حقيقيًّا يبدأ من تصحيح المفاهيم نفسها.
ويرى الكاتب أن الإصلاح لا يمكن أن يحدث إلا إذا تم التعامل مع المفاهيم بحذر ودقة، من خلال تحليل حدودها، وتاريخها، واستخداماتها الأيديولوجية والسياسية.
وهذا المنهج يعكس التقليد الفلسفي الذي ابتدأه سقراط، واستمر مع المفكرين الكبار مثل زكي نجيب محمود.
يُذكر أن مصطفى كيحل هو أستاذ محاضر في قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة باجي مختار في عنابة شرق الجزائر.
وله العديد من المؤلفات في مجالي الفكر والفلسفة، أبرزها "الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون"، و"العقل الوضعي وسؤال التجديد"، التي لاقت اهتمامًا نقديًّا واسعًا في الأوساط الأكاديمية.