يستكشف الفنان السوري خالد عقيل موضوعات الوجود الإنساني وعلاقته بالكون من خلال لوحات آسرة ومحفزة للفكر في معرضه "اللامتناهي والمحدود" المقام في السركال أفنيو دبي، والذي يستمر لغاية 25 يونيو.
في هذا الحوار، سنغوص في أعماق رحلته الفنية، ونلقي نظرة عميقة على الأفكار والرؤى التي يعبر عنها في أعماله الفنية.
معرضك "اللامتناهي والمحدود" يستكشف مواضيع معقدة عن الكون ومكاننا فيه، ما مصدر إلهامك؟
الحياة هي أكبر ملهم لي. كل ما نراه من تعقيدات الحياة هو نتاج لأفكارنا المتصارعة، ولكن في الحقيقة، الحياة بسيطة. داخل تفاصيلها العادية وبعيداً عن ضوضاء العقل، يكمن كون جميل ومحب. هذا التناقض بين البساطة والتعقيد هو ما ألهمني لاستكشاف هذه المواضيع.
كيف ترى العلاقة بين المحدود واللامتناهي في عملك؟
تعكس العلاقة بين المحدود واللامتناهي في عملي تجربتي الشخصية وفهمي للكون. نحن نعيش في إطار محدود، لكننا نسعى دائمًا لفهم اللامتناهي. هذا السعي يشكل جزءًا كبيرًا من فلسفتي الفنية، إذ أحاول أن أعبر عن هذا التوتر بين ما يمكننا معرفته وما يتجاوز حدود إدراكنا.
كفنان معروف في البداية بالتصوير الفوتوغرافي، ما الذي دفعك للانتقال إلى الرسم بالألوان الزيتية؟
بدأت مسيرتي الفنية بالتصوير، ثم انتقلت إلى Mixed Media، ولكن مع مرور الوقت، شعرت بأن هذه الأدوات لم تعد كافية للتعبير عما في داخلي. وجدت نفسي أرسم، واخترت الألوان الزيتية لما تحتويه من تاريخ وعمق في التجربة. تتميز الألوان الزيتية ببطء جفافها، هو ما يميزها لدي، إذ إن هذا البطء في الجفاف يتيح لأفكاري ومشاعري أن تتبلور تدريجيًا على اللوحة.
في أعمالك خليط بين الرؤى الواعية والإبداع. كيف تحقق هذا التوازن؟
أي فكرة أصلية يجب أن تأتي من خارج المألوف، وإلا ستكون تكرارًا لأفكار سابقة. الإبداع هو أن نستطيع إسكات صوت العقل والعمل وفقاً للأحاسيس.
ذكرت أن خطتك هي فقدان السيطرة. كيف تتنقل بين التحكم والحرية في ممارساتك الفنية؟
أرى أن فقدان السيطرة جزء أساسي من عملية الإبداع بالنسبة لي. أبدأ بفرضيات وأفكار محددة، لكنني أترك للعمل الفني نفسه حرية التطور. هذا ما يعطي للأعمال روحها وحيويتها، ويساعد على إضفاء العمق والبعد الفني عليها.
والدك، يوسف عقيل، هو رسام مشهور. كيف أثر عمله على رحلتك الفنية الخاصة؟
والدي كان ولا يزال مصدر إلهام لي بسبب طريقة نظرته إلى الحياة وثقته العمياء بالكون. علمني أن اللحظة الحالية هي الأجمل، وأن الماضي والمستقبل هما مجرد أفكار.
كنت مترددًا في الرسم في بداياتي؛ لأنني أردت أن يكون لي صوت فريد. رسمت أول لوحة لي عندما كان عمري 4 سنوات، ولم أرسم غيرها لعدة عقود لأنني أردت أن أكون صادقًا مع نفسي. والدي كان حاضراً عندما أردت الدعم، لكنه لم يضغط علي لأكون فنانًا.
ماذا تأمل أن يأخذ المشاهدون من معرض "اللامتناهي والمحدود"؟
أنا والجمهور واحد. عندما ينهي الفنان العمل، يصبح هو والمشاهد سواسية. آمل أن يمارس المشاهد الصبر والتأني في ترجمة مشاعره عندما يمس العمل أي منها.
أريدهم أن يروا العالم من زاوية جديدة، أن يشعروا بعمق الأفكار والمشاعر التي وضعتها في كل لوحة.
كيف تصف الجانب التقني من عملك؟
الجانب التقني في عملي هو جانب شخصي جدًا، إذ نبع من تجربة وفضول لمعرفة المادة ولسبر أغوار أحاسيسي وأفكاري. ضجيج الحياة كان حاضراً في تجربتي التقنية وتطويع المادة.
أي عمل فني فريد تقنيًا ينبع من فضول شخصي لاكتشاف الذات وفهم كيفية التفاعل مع المجتمع المحيط. عدم الرضا بالحلول السطحية أو الإجابات الجاهزة يمثل المحرك الأساسي لعملية الإبداع في تجربتي.
ما دور الذكاء الاصطناعي في ممارساتك الفنية؟ وما رأيك باقتحامه عالم الفنون؟
الذكاء الاصطناعي يعتبر أداة قوية لدعم الإبداع، ولكنه لا يمكن أن يحل محل الحس الإنساني والتجربة الشخصية في الفن. أرى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة، لكنه يجب أن يكون مكملًا، وليس بديلاً للموهبة البشرية.
بعد معرضك الفردي الأول في الإمارات، ما خططك القادمة؟
معرضي الحالي في الإمارات العربية المتحدة جعلني أشعر أنني في بيتي وبين أهلي. أتطلع بشغف إلى معرضي القادم في هذه البلاد المستقبلية، وأخطط لاستكشاف مواضيع جديدة وتوسيع نطاق عملي ليشمل جمهورًا أوسع.
ما رأيك بالدور الذي تلعبه دبي في احتضان الفنون المعاصرة؟
دبي هي السفينة التي تبحر بنا نحو المستقبل، تجعلنا نلحق بخطى الغرب، ولكن بلمسة وهوية عربية. مع الأسف، نحن فقدنا الكثير من تاريخنا. اليوم، تثبت دبي للعالم أننا قادرون على التطلع إلى المستقبل، وأن نبني صروحاً ثقافية وعلمية تنافس الغرب، وتفتخر بأصالتها العربية.