تحكي رواية "معزوفة اليوم السابع" للروائي الأردني جلال برجس، قصة مدينة مفترضة مكونة من سبعة أحياء، في جنوبها مخيم ضخم لغجر مطرودين منها. وفي يوم تصاب هذه المدينة، التي وصلت إلى مرحلة قصوى من تبدلات تضرب جذر المكون الإنساني، بوباء غريب ونادر، يفضي أحد أعراضه بالمصابين إلى الوقوع في غرام الموت، لتصبح المدينة على حافة الفناء، فيأتي الخلاص من جهة غير متوقعة.
تقع رواية "معزوفة اليوم السابع" للروائي الأردني جلال برجس، في 318 صفحة من القطع المتوسط، يقدم فيها صياغة رؤية استشرافية للواقع الإنساني، مؤكدًا هوية ومرجعيّة إنسانية لا مفرّ منها، وهذا ما جسّده الروائي في شخصيات روايته التي وظّفها جيدًا في تعميق فكرته الإنسانية.
ويسهم برجس في رواية "معزوفة اليوم السابع"، في الانطلاق إلى آفاق الرواية الجديدة، ورواية ما بعد الحداثة، إذ يوظف الخيال والفانتازيا في الرواية، توظيفًا إبداعيًا يفسر الواقع، وينتج الأحداث ولا يسبب إبهامًا وغموضًا في القراءة.
تعد "معزوفة اليوم السابع" لجلال برجس، رواية ذات عمق فكري وثراء فني باعث على الأسئلة القلقة المقلقة، بطريقة خيالية مغايرة للمألوف، تتضمن رسائل عميقة، ومضمونًا فلسفيًا قابعًا في أعماقها.
استفقت عند السابعة مساء، الغرفة معتمة، والريح تحرك الشجرة التي تلامس أغصانها النافذة. الطقس بارد، وموحش، إنها وحشة...
Posted by جلال برجس on Saturday, November 16, 2024
ويجيء الزمان في الرواية مبهمًا كذلك للدلالة على اتساع هذا الزمان، الذي تضيق فيه البشرية بالآلام والمعاناة، حيث الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية، إذ تبدأ الرواية: في زمن ما، ضاقت قرية بأحد رجالها، لفرط ما تعاظمت فيها البغضاء والحسد، والضغائن بعد أن كان أهلها متحابين لا يفرق بين معظمهم إلا مشاغلهم اليومية. وهو الأمر الذي لا يشعر القارئ بثقل الزمان الذي ذوبه الروائي في البناء الروائي، فهو ماض بعيد، وحاضر مثقل بالأزمات والقلق، والذعر والشهوات العميقة، ومستقبل غامض، يطرح الروائي أسئلته العميقة التي تبحث عن إجابات تولدها القراءات المتعددة للرواية.
جلال برجس صوت روائي عربي حقق عبر مسيرته الروائية الممتدة وجودًا مهمًا في الجسد الروائي العربي، فهو يمتلك مشروعًا إبداعيًّا وروحًا حيّة متغلغة في النص الإبداعي، بدءًا من روايته "مقصلة الحالم" العام 2013، ومرورًا برواية "أفاعي النار" الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربي 2015، ورواية "سيدات الحواس الخمس" التي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2019، ورواية "دفاتر الورّاق" الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) العام 2021، ثم سيرته الروائية "نشيج الدودوك" 2024، التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب.