"إنني لا أحيا في ماضيَ، ولا في مستقبلي، ليس لي سوى الحاضر، وهو وحده ما يهمني، إذا كان باستطاعتك البقاء دائماً في الحاضر، تكون عندئذ إنساناً سعيداً"، هذه هي الوصفة السهلة للسعادة، التي يقدمها الكاتب الأسترالي ماركوس زوساك، في روايته التاريخية "سارقة الموت" التي حازت العديد من الجوائز، إضافة إلى كونها واحدة من أكثر الكتب مبيعاً، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي بالعنوان ذاته.
تتناول الرواية حقبة تاريخية مظلمة في تاريخ البشرية، هي فترة الحكم النازي في ألمانيا والفترة إبان الحرب العالمية الثانية، بينما تُروى أحداث القصة على لسان ملك الموت، الذي يجعلك الكاتب تتصوره على أنه شخص عادي يتعايش معنا في لحظاتنا الأخيرة؛ فالموت هو الشاهد الوحيد على كل هذه التفاصيل المؤلمة التي تحدث لأبطال الرواية، التي قد تكون حدثت للعديد من الأشخاص في ويلات هذه الحروب التي أودت بحياة الملايين من دون طائل.
ولكن هذا الشخص "الموت" يبدي اهتمامًا بالغًا ببطلة الرواية، وهي الفتاة الصغيرة ليزيل ميمينغر، التي تتمحور الرواية حولها، وهي فتاة في التاسعة من العمر تعيش في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. تسرد الرواية تجارب ليزيل عبر الموت الذي يقدم تفاصيل عن الجمال والدمار في حياة الناس خلال فترة الحرب. وبعد موت أخيها، تصاب ليزيل بحالة من الذهول في منزل والديها بالتبني، هانس وروزا هوبيرمان.
تحاول الرواية تصوير حياة البطلة من خلال إقامتها مع والديها الجدد؛ إذ تواجه الخوف من النظام النازي، وفيما يتدهور الوضع السياسي في ألمانيا، يخبئ والداها بالتبني شاباً يهودياً يدعى ماكس، ما يعرّض العائلة للخطر، فيقوم هانز الذي صارت له علاقة قوية مع ليزيل بتعليمها القراءة سراً. ولما أدركت ليزيل قوة الكتابة وتأثير الكلمات، لم تقتصر فقط على سرقة الكتب التي يتطلع الحزب النازي لإتلافها، بل قامت أيضا بكتابة قصصها الخاصة وشاركت ماكس قوة لغتها. وبينما تتأقلم ليزيل مع فجيعة الماضي ومخاوفها من العالم المدمر بفعل الحرب، تخوض رحلة اكتشافٍ للذات، ومحاولة تكوين أسرة جديدة، واكتشاف حياتها كسارقة للكتب.
"أعتقد بأنني أتقن ترك الأشياء ورائي أكثر من سرقتها". من الجمل المؤثرة التي تركتها ليزيل انطباعاً يفضي إلى الكثير من التأويلات، في هذه الرواية التي تصنف ضمن المؤلفات الخيالية التاريخية، والتي نشرت للمرة الأولى عام 2005، وتُرجمت إلى 63 لغة، وبيعت منها حوالي 16 مليون نسخة ورقية، ثم تحوّلت إلى فيلمٍ عام 2013.
يذكر أن الرواية متوفرة باللغة العربية، فقد نشرتها دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، وترجمتها داليه مصري.