صدر عن دار "أقلام عربية" في القاهرة طبعة حديثة من كتاب "الأفكار هي الأشياء" للفيلسوف الأميركي برنتيس مالفورد، الذي يطرح فيه سؤالًا مركزيًا "ما الهدف من الحياة؟"، ليجيب أن الهدف الرئيسي هو السعي نحو السعادة.
ويدعو الكتاب إلى أن نعيش حياتنا بحب للأيام الجديدة، وألا ندع الوقت يمر ببطء بسبب فقدان الحماس، بل أن نعيش في لحظات الامتنان.
يُعد الكتاب، الذي ترجمته شيرين أشرف بلغة سلسة ورشيقة، دعوة متفائلة للنظر إلى الحياة بعين التفاؤل والجمال.
ويعتقد مالفورد أن السعادة تتحقق عندما نتغافل عن الألم والمرض، ونتغلب على المعاناة باستخدام قوة الروح، والتحكم بالأفكار التي تُمكّننا من تحقيق احتياجاتنا دون ظلم أو ضرر للآخرين.
مع ذلك، يبدو أن فلسفة مالفورد تميل إلى المثالية المفرطة حين يشير إلى أن السعادة تأتي أولًا من تجنب خلق أعداء، وأن الشخص يصبح سعيدًا حين يصبح صديقًا للجميع، ويعيش بروح متفائلة؛ قد يكون هذا الطرح بعيدًا عن الواقعية لبعض القراء، لكنّه يعكس نظرته المثالية لحياة أفضل.
ينتمي مالفورد إلى حركة "الفكر الجديد"، التي ظهرت في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.
هذه الحركة الروحانية تركز على "شفاء العقل" وتهتم بالميتافيزيقا، وتأثرت بعدة فلاسفة مثل رالف والدو إمرسون وأفلاطون، اللذين يعتقدان أن الأفكار والمثل أعلى وأكثر واقعية من الواقع المادي.
تتأثر فلسفة مالفورد أيضًا بفكر مانول سفيدنبوري وهيغل، خاصة في مفهوم أن الوعي هو المبدأ الأول قبل المادة.
ويجسد مالفورد في كتاباته هذه الروحانية التي تهدف إلى فهم العقل والطبيعة البشرية في ضوء التجارب الروحية والفكرية، متجاوزًا العقلانية التقليدية.
وُصف برنتيس مالفورد بـ"أغرب الرجال" بسبب حياته المضطربة والمتنقلة بين الوظائف المختلفة، فقد جرب العمل في الطهو، وصيد الحيتان، والمشاركة في السياسة، وحتى الصحافة.
ولكن اهتمامه الرئيسي تحول إلى البحث في الظواهر الروحانية والفلسفية، ليصبح أحد أبرز المفكرين في مجاله.
منذ عام 1865، بدأ مالفورد في كتابة مقالات ومؤلفات تمثل نوعًا فريدًا من الحكمة، حيث استخدم قوى العقل لمواجهة التحديات الإنسانية مثل الزواج، العدالة، والثراء.
وفيما يخص رؤيته، فقد كان مالفورد متفائلًا للغاية، يتوقع الخير من البشر، وهو ما يميز أفكاره، ويمنح أعماله روحًا حداثية وسابقة لعصره.
تظل أفكار مالفورد مبتكرة في طرحها لمفهوم السعادة والروحانية، إذ تلتقي رؤيته التفاؤلية مع البحث العميق في طبيعة الإنسان وتحدياته، مما يجعل أعماله تمثل نقطة انطلاق للتفكير في حياة أكثر تحررًا ورؤية صافية.