"مدن داخلية".. سيرة أدبية مكتوبة بالشوارع والأشجار

ثقافة
فريق التحرير
20 مارس 2024,9:23 م

في كتابها الصادر حديثاً عن دار روايات "مدن داخلية"، تحوّل غدير الخنيزي تجربة التجول والترحال في المدن وشوارعها وأزقتها، إلى مسار حر للتجول في الذات واكتشاف عوالمها.

 وترصد الكاتبة، وهي توثق إقامتها في المنامة ورحلاتها إلى باريس ومينيابوليس، مفهوم الذاكرة، وعلاقة الإنسان بالمكان، لتعيد توصيف المعنى الجوهري للزمن بوصفه مساحة مفتوحة يلتقي فيها الراهن بالماضي والمستقبل، ويتشابك فيها المتخيل مع الواقع.

وتقدم الخنيزي تجربة سردية مختلفة في أدب الرحلات، في كتابها الذي جاء في 131 صفحة من القطع المتوسط، إذ تستند إلى مرجعيتها الأكاديمية والمهنية كمعمارية لتكتب أدباً جديداً، تتحاور فيه اليوميات مع التأملات الفلسفية، وتمتزج فيه السيرة الذاتية مع التأريخ المروي والمكتوب، وكأنها تشيّد بذلك معمارًا مغايرًا لأدب الترحال والسفر في خزانة الأدب العربي.



الطرق مسالك لتشكيل المعنى

تستهّل الخنيزي كتابها بتحديد المعنى المراد لعدد من المفاهيم والمفردات التي تتكئ عليها في بناء علاقتها مع الأمكنة، وفي رسم ملامح تجربتها في الكتابة عنها؛ إذ تستهل الكتاب بمقطع من قصيدة الشاعر أدونيس يقول فيه: "وأعرف أن الطريق لغة في عروقي وليس المكان"، وكأنها بذلك تقول إن الطرق مسالك لتشكيل المعنى وقول ما يمكن واكتشاف ما ينبغي، تماماً كما اللغة.

ثم تنتقل لتضع القارئ عند مقصدها من مفردة "الرحلة"، فتكتب في "التمهيد": قد تبدو الفصول المقبلة نسيجاً لرحلة عابرة للتاريخ والأمكنة والثقافات، لكن الرحلة الحقيقية هي التي جرت بالداخل، واستعادتها كانت عملية آثارية تخيلية شاقة بدأت بالتنقيب وانتهت بالترميم، تخللتها مراحل متواشجة من تفكيك طبقات الذات.

 التسكع فن

ولا تتوقف الخنيزي عند ذلك، وإنما تفرد فصلاً لتكشف معنى "التسكع"، وهو التوصيف الذي استخدمته في العنوان الفرعي للكتاب "التسكع في المنامة وباريس ومينيابوليس"، فتكتب في ذلك: التسكع فن. أن تتجوّل في المدينة وتهيم في شوارعها وميادينها وأسواقها وفضاءاتها سعياً للذة مؤجلة في العثور على ما تبحث عنه، قد لا تعلم ما هو، وقد تصل له في أقل الأماكن توقعاً.

 تسلّم الكاتبة بهذه المفاهيم وغيرها من الإشارات الاستهلالية مفاتيح عملها الأدبي للقارئ، وتتركه يتجول في ذاكرتها، فترسم له طرقاً معبّدة لتأمل مدينة المنامة قبل عقود ماضية، واكتشاف علاقتها مع سكانها، وأثر اللغة المحكية على رمزيتها كمدينة تتبدل ملامحها وتتمسك بروحها، كما تفتح للقارئ نوافذ وأبواباً للنظر إلى باريس بعيداً عن صورتها السائدة، والوقوف عند أمريكا من مدينة قلَّ من زارها أو حتى عرفها في المنطقة العربية؛ مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا.

أخبار ذات صلة

أدونيس: لا زمن لمن يعيش تابعًا

google-banner
foochia-logo