تُعدّ هذه المرة الأولى في تاريخ الشعر العالمي الحديث التي يتم فيها كتابة عمل ملحمي جماعي تحت عنوان "مانسيرة"، وهي الملحمة الشعرية الإنسانية الكبرى للقرن الحادي والعشرين باللغة العربية.
صدر العمل عن دار التكوين في دمشق في 260 صفحة من القطع الكبير. وقد كان الشاعر الإماراتي عادل خزام هو الذي أطلق فكرة المشروع، وجمع النصوص، ونسجها معاً، فضلاً عن ترجمتها.
كتبت الملحمة جماعيًا بواسطة 86 شاعرًا من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك قارات آسيا، إفريقيا، أوروبا، الولايات المتحدة، أميركا اللاتينية، والوطن العربي.
وقد كتب الشاعر عادل خزام مقدمة وافية تشرح فكرة هذا العمل الشعري الملحمي الجماعي والعالمي. وأوضح خزام أن صوت الملحمة لا يعبر فقط عن رؤى مؤلفيها وفنانيها، بل هو بمثابة صوت لجميع شعراء وفناني العالم، حتى لأولئك الذين لم يشاركوا مباشرة في العمل.
وفي النهاية، اعتبر خزام أن القصيدة هي رسالة تنتمي إلى الجمال، والحقيقة، والحب، والقيم السامية التي يعتقد بها الجميع.
من المنتظر أن تصدر الملحمة قريبًا في ترجمتيها إلى الإنجليزية والفرنسية. يتألف اسم العمل من كلمتين: "man" بالإنجليزية، والتي تعني "الإنسان"، و"سيرة" بالعربية، ما يعكس طبيعة العمل الشعري الذي يعبر عن حياة الإنسان المعاصر.
يعتبر هذا العمل الشعري الأول من نوعه وحجمه على مستوى العالم، إذ يستقي مصادره من قصائد كتبت بلغات متعددة. الملحمة هي ملحمة الإنسان في القرن الحادي والعشرين، الإنسان الذي يعيش في زمن التحولات الرقمية والتكنولوجية، فضلاً عن كونه إنسان الحروب النووية الكارثية التي تهدد مستقبل الأرض.
ذكر عادل خزام في مقدمة الكتاب أن العديد من النصوص قد مرّت عبر وسائط لغوية وترجمات متعددة قبل أن تصل إلى صيغتها العربية النهائية. ولذلك، فإن النص الذي بين أيدينا اليوم قد خضع لعدة تجارب ذائقة أدبية، نتيجة عملية الترجمة وإعادة الترجمة عبر اللغات المختلفة. هذا التحول والتفاعل بين اللغات أضاف أبعادًا جديدة للنصوص، مما جعل العمل يحمل طابعًا عالميًا يعكس تنوع الثقافات واللغات التي شاركت في صياغته.
بالنسبة للتوزيع الجغرافي للشعراء والفنانين، تم توجيه الدعوات إلى عدد كبير من الشعراء المعروفين من مختلف أنحاء العالم دون تحديد نطاق جغرافي معين. كان الهدف الأصلي الوصول إلى 100 شاعر من 100 دولة، كنموذج يمثل شعراء العالم وجميع الدول، لكن العملية لم تكن بهذه السهولة. فقد بدأ بعض الشعراء في الاعتذار لأسباب مختلفة، بينما طرح آخرون تساؤلات حول كيفية كتابة الملحمة، وطلب آخرون الاطلاع على ما كتبه زملاؤهم قبل أن يشاركوا. ومع مرور الوقت، تداخلت العديد من الإشكالات الفنية والتنظيمية.
لكن في النهاية، كما يقول عادل خزام، تمكنا من جمع النصوص التي رحب الشعراء بالمشاركة بها. وقد أثنى الكثيرون على الفكرة واعتبروها إنجازًا عالميًا، مؤكدين أنها خطوة غير مسبوقة في تاريخ الشعر العالمي، ولم تحدث من قبل بهذا الشكل أو بهذا الحجم.
تتوزع الملحمة على عدة فصول، وقد تحتوي بعض الفصول على أبواب ومقاطع داخلية، مما يتيح تنوعًا في تنقل القارئ بين النصوص. وبإمكان القارئ أن يستمتع بقراءة تداعي النصوص كاملاً، دون أن يشغل نفسه بالتفاصيل التقنية لعملية دمج النصوص. فقد تم تركيب العمل بطريقة تسمح بتدفق النصوص بشكل سلس، حيث تتناغم مع بعضها البعض لتكوين صورة شعرية متكاملة تعكس روح الملحمة ككل، دون الحاجة للتوقف عند كيفية التداخل بين الأجزاء المختلفة.
في نصّ الملحمة، تنتشر أرقام في رأس بعض الفقرات، وهذه الأرقام تشير إلى نص كل شاعر مشارك. إذا أراد القارئ معرفة النص الذي كتبه الشاعر، يمكنه ببساطة العودة إلى الأرقام الموزعة بين النصوص، مما يسهل التنقل بين الأعمال المختلفة.
شارك في الملحمة أيضًا عدد من الفنانين التشكيليين، الذين قدموا لوحات تعبّر عن روح النصوص الشعرية. وقد رحب هؤلاء الفنانون بفكرة العمل الملحمي وشاركوا بلوحات بالأبيض والأسود، والتي يعدونها جزءًا مهمًا في تاريخهم الفني. الفنانون المشاركون هم:
الرسام الإماراتي عبدالرحيم سالم (لوحة الغلاف)
الفنانة الإيطالية فيتوريا تشيريسي (لوحة الفصل الأول)
الفنانة البحرينية مياسة سلطان السويدي (لوحة الفصل الثاني)
الفنان السوري إسماعيل الرفاعي (لوحة الفصل الثالث)
الفنان العراقي إياد الموسوي (لوحة الفصل الرابع)
الفنان الكويتي سامي محمد (لوحة الفصل الخامس)
الفنانة الإماراتية خلود الجابري (لوحة الفصل السادس)
الفنان الإسباني العراقي الأصل أبو زيدون حنّوش (لوحة الفصل السابع)
الفنان السوري ثائر هلال (لوحة الفصل الثامن)
الفنان السعودي عبدالرحمن السليمان (لوحة الفصل التاسع)
الفنان الإيطالي جيانبيروكتيس (لوحة الفصل العاشر)
الفنان الإسباني البرتو بالوميرا (لوحة الفصل الحادي عشر)
الفنانة اليونانية ليليكا ارناكي (لوحة الفصل الثاني عشر)
الفنان الإماراتي محمد كاظم (لوحة الفصل الثالث عشر)
الفنان الكوبي اوسلير بيريز ميراليس (لوحة الفصل الرابع عشر)
الفنان الهندي سونيل جود (لوحة الفصل الخامس عشر)
الفنانة الأميركية أميتا بهات (لوحة الفصل الأخير والخاتمة)
حول البُعد الفني للملحمة، كتب عادل خزام في مقدمة الكتاب: فنياً، تحمل لنا هذه الملحمة شكلاً شعرياً جديداً يتمثل في التنويع اللانهائي لأشكال وأساليب الكتابة الشعرية والسردية، بما في ذلك القصص والشذرات والمقاطع القصيرة التقريرية المباشرة والإيحاءات الرمزية. هذا التنوع الفني يجعلنا أمام تجربة مختلفة وجديدة كلياً في معمارها النصي والبلاغي. وهي في الوقت نفسه تكشف قدرة اللغة اللانهائية على التعبير بأساليب قد تكون متضادة في شكلها، لكنها تندمج فنياً لتولّد نصًا جديدًا مفتوحًا على الاكتشاف في ممارسة الكتابة الأدبية. والأجمل في هذه التجربة أنها تنهل من جميع لغات العالم لتنتج نصًا شعريًا عالميًا قادرًا على التعبير عن إنسان اليوم."
شارك في الملحمة الشعراء:
1- باولو روفيللي- إيطاليا
2- جيرماين دروغينبرودت- بلجيكا
3- سيف الرحبي- عُمان
4- ألفارو مايو – البرتغال
5- كريس سولت – المملكة المتحدة
6- كونسيساو ليما – ساو تومي
7- شروق حمود – سورية
8- يوجينيا سانشيز نيتو – كولومبيا
9- كيموجيتسي جوزيف مولابونغ – ناميبيا
10- زكية المرموق – المغرب
11- إيرما كورتي – ألبانيا
12- بيبي كوستا – إيطاليا
13- عبدو كاخور كوسيم – طاجيكستان
14- جوري تالفيت – أستونيا
15- تشانغ تشي – الصين
16- ناهد كبيري – إيران
17- ماريا تشاب – الأرجنتين
18- آيو أيولا أمالي – نيجيريا
19- شيراني راجاباكسي – سيريلانكا
20- طارق الطيب – السودان
21- جلال زنكابادي – كردستان العراق
22- معز ماجد – تونس
23- ليس ويكس – أستراليا
24- تايكو أويمورا – اليابان
25- كوازي دلانغيا – جنوب إفريقيا
26- زاهر الغافري – عُمان
27- بو لينجارد دامجارد – الدنمارك
28- سو هي – نيوزيلاندا
29- حميد العربي – جزائري تونسي
30- ريناتو ساندوفال باسيغالوبو – البيرو
31- تيندو تايجن – اليابان
32- فرانسيس كوركيفيكس – البرازيل
33- ماريا غريش غانادو – مالطا
34- سعد الدوسري – السعودية
35- لي كيو شين – تيوان
36- بسام جوهر – اليمن
37- وانسو كيم – كوريا
38- كاما سيور كاماندا
39- غسان زقطان – فلسطين
40- ديميتريس كرانيوتيس – اليونان
41- محمود قرني – مصر
42- سيامير مارولافاو – إندونيسيا
43- كاثرين غراهام – كندا
44- يولاندا فيليسينا توليدو – كوبا
45- حمدي ميكا – ألبانيا
46- رحيم كريم – قيرغيزستان
47- جوردي فالس – اسبانيا
48- آنا كيتس – الولايات المتحدة
49- محسن الرملي – العراق
50- ستويانكا بيونوفا – بلغاريا
51- تبسم تهمينة شاجوفتا حسين – بنغلاديش
52- روزابيل إلليس – جزيرة أوربا
53- د. أبريليا زانك – ألمانيا
54- فرناندو راندون – كولومبيا
55- أمين الرحمن – بنغلاديش
56- يوسف أبو لوز – الأردن
57- أغنيس ميدوز – المملكة المتحدة
58- خلود المعلا – الإمارات
59- خالد البدور – الإمارات
60- جين هيرشفيلد – الولايات المتحدة
61- فيونا سامبسون – بريطانيا
62- هيني روويلر – هولندا
63- عزام أبيدوف – أوزبكستان
64- ليلى السيد – البحرين
65- ثور ستيفانسون – آيسلندا
66- آنا كيسي – إيرلندا
67- جورج والاس – الولايات المتحدة
68- د. نايلاهينا – باكستان
69- فاضل جميلي – باكستان
70- إليزا زيغيت – بولندا
71- ماي فان بان – فيتنام
72- يوسف كادل – موريشيوس
73- كشاب سيجديل – نيبال
74- د. فوزية أبو خالد – السعودية
75- فاديم تيريخين – روسيا
76- راتي ساكسينا – الهند
77- نايدا موجكيك – البوسنة والهرسك
78- آنا كيكو – الصين
79- ماريكو سوميكورا – اليابان
80- فرانسيس كومبس – فرنسا
81- نوردوران دومان – تركيا
82- أشرف أبو اليزيد – مصر
83- أدامو إيدي – النيجر
84- ألفينوس ميليوس – سانت لوسيا
85- كاو تشوي – الصين
86- ندى أنسي الحاج - لبنان
في البدء كان العالم شيئاً واحداً
لا غرب لا شرق، لا وضوح ولا غموض
ولا البداية تعرف أن لها نهاية
ولا النهاية بدأت، أو صار لها مؤيدون
ولد الصمت سيداً
وصار لا يزعجه سوى ارتطام عناد الصخرتين
وكان الهواء يومئذ، بقايا تنفس آلهة كلها ماتت
ولم يبق منها سوى الإنسان
السيد العبد التراب التاج الهباء الأرق
المنحل إذا هبت الريح وعوت ذئابها
المنفصم، لأنه خلق المرايا من أجله ولم يتركها نائمة
على سطح المياه
وهو المفكك كلمة كلمة
وهو أنت ولا أنت
سليل العبث في ألعاب الحب والحرب وشهوة الفناء
الساكن في القرية والمدينة والكهف والزاوية المقلوبة
الإنسان الذي نطق بكل شيء
وكأنه لم يقل شيئاً
مرة سمعناه يهذي: أنا العقل
لكن في الصباح وجدنا أصابعه مقطوعة
وعلة فمه ختم كلمة (لا)
ومرة قال: أنا الساعي الأخير في طريق الحرية لكنه لم يجد الطريق بعد
مشى وجلس ودار واستوطن وانتهك وتراخى
وشيئاً فشيئاً.. ابتكر الملوك له فكرة الاسطبل
ثم زجوه حصاناً وبغلاً ليحرث أرض الأمل البوار
ويوماً فيوماً
ابتكر رجال الأعمال له الوظيفة
وحمموه وانقوه وقالوا: هذا صنم الحضارة الجديد.
اليوم..
يعبد الأطفال إشارة المرور، فقط وهي حمراء
تدق صافرات الإنذار في الشوارع
حين يكتب شاعر قصيدة حب بالسكين لا بالقلم
وكأنما.. وربما
الحقيقة قارب نجاة صغير في محيط هائج
والخير والشر عجلتا دراجة هوائية لمن يهرب من مصيره أولاً
فليكن إذن..
سندع سباق السلحفاة والأرنب مستمراً للأبد
سنقول: الأرض ملك للجميع ولو كذباً.
ذلك لأننا أتينا من هناك
من الظلام الدامس
من الوقت الذي يتمدد ممطوطاً إلى ما لا نهاية
قبل البشرية
هناك، عندما انفجرت الأشكال كلها
واستوت الطبقات في الأعالي وتشظت الأنواع في المنحدرات
في تلك اللحظة
جرى ما جرى، وولدت الدوائر لتتبع بعضها
وجوه لا تعرف من أين أتت، هي نسل ذاتها القوية من ذاتها الضعيفة
بالطريقة نفسها، تعود إلى الحياة لكي تموت
من كل اتجاه وصوب، تعود
وتعود معها الكوارث، عنيفة ومدمرة
على شكل نكبات وعلى شكل التهابات وأوبئة مجنونة
حسناً، لن نحسب ذلك
فلنحسب الاستثناء إذن
المجازر وحفلات القتل
هذا الحساب اليومي البسيط
يتركنا مندهشين أكثر من أي وقت مضى
مندهشين، ونحاول أن نفهم
كم من الموت تحتاجه الحياة
لتزدهر؟