لم تكن سامية جمال مجرد راقصة شرقية، بل كانت رمزًا للجرأة والتجديد في عالم الفن. استطاعت أن تحوّل الرقص من مجرد أداء حركي إلى حالة فنية متكاملة تمزج بين الأصالة والحداثة.
وُلدت في زمن كان يعج بالتحديات، لكنها تحدت الواقع وكسرت القواعد، لتصبح نجمة ساطعة في السينما والمسرح، ليس فقط بجمالها الآسر، بل بموهبتها التي نقلت الرقص الشرقي إلى بُعد عالمي جديد. قصة سامية جمال ليست مجرد حكاية فنانة، بل رحلة ملهمة لإعادة تعريف الفن برؤية مختلفة.
في ذكرى رحيلها، نستعيد سيرة واحدة من أعظم نجمات الفن المصري، سامية جمال، التي غيّرت ملامح الرقص الشرقي، وأضافت إليه بُعدًا عالميًّا. لم تكن مجرد راقصة أو ممثلة عابرة في سماء السينما، بل كانت رمزًا للتجديد والابتكار في الفن.
رحلت عن عالمنا في الأول من ديسمبر / كانون الأول عام 1994، لكنها تركت إرثًا خالدًا يحمل بصمتها الاستثنائية التي جمعت بين الأصالة والحداثة، وأسرت قلوب الملايين حول العالم.
وُلدت سامية جمال باسم "زينب خليل إبراهيم محفوظ" في محافظة بني سويف عام 1924، بدأت رحلتها من قرية صغيرة بجنوب مصر إلى عالم الأضواء في القاهرة، حيث انضمت إلى فرقة بديعة مصابني، التي كانت مدرسة حقيقية لتطوير موهبتها. ومع عام 1943، خطت أولى خطواتها في السينما، ليبدأ تألقها في أفلام خلدتها ذاكرة الفن مثل "أمير الانتقام"، و"سكر هانم".
حياة سامية جمال الشخصية لم تكن أقل درامية من أدوارها الفنية. عاشت قصة حب شهيرة مع الموسيقار فريد الأطرش، لكنها انتهت برفضه للزواج. لاحقًا، تزوجت من النجم رشدي أباظة، في علاقة لاقت اهتمامًا كبيرًا، وسبقتها تجربة زواج من الأمريكي عبدالله كينج، الذي أسلم من أجلها.
أثرت سامية جمال الرقص الشرقي بإبداع غير مسبوق، حيث أدخلت الحركات الغربية، وأضفت لمسة عصرية على الأداء التقليدي، ما جعلها تقدم عروضًا ساحرة تجذب الأنظار. أسلوبها المتفرد لم يكن مجرد خطوات راقصة، بل لغة فنية كاملة استخدمت فيها الملابس، الإضاءة، والموسيقى. وبفضل هذا الأسلوب، أصبحت منافسة قوية للفنانة تحية كاريوكا، التي تمسكت بالأصالة والتراث.
اختارت سامية جمال الاعتزال في بداية السبعينيات، لكنها عادت للرقص لفترة قصيرة في منتصف الثمانينيات، ثم اعتزلت نهائيًّا لتعيش بعيدًا عن الأضواء حتى رحيلها في 1994 بعد غيبوبة استمرت ستة أيام، تاركة خلفها مشوارًا استثنائيًّا امتد لنصف قرن.
سامية جمال لم تكن مجرد فنانة، بل مدرسة في الإبداع والابتكار. حملت راية الرقص الشرقي إلى العالمية، وأضافت له أبعادًا جديدة جعلته فنًّا يتجاوز الحدود. وحتى اليوم، تظل ذكراها حاضرة في قلوب جمهورها، لتؤكد أن الإبداع الحقيقي لا يعرف الموت.