لا شك أن عادة مشاركة السرير مع الطفل باتت موضوعًا يثير الكثير من الجدل والتساؤلات بين الأهل، خاصة في عصر الأمومة الحديثة.
هل علينا احتضان تلك الممارسة أم تجنبها؟ ذلك هو السؤال الذي يواجهه الكثير من الآباء والأمهات الجدد عندما يتعلق الأمر بتبني عادة مشاركة الفراش مع الصغار.
وفي حين ينتقد العديد من علماء النفس وخبراء صحة الطفل تلك الممارسة، إلا أن الكثير من بحوث تربية الطفل الحديثة ودراسات التنمية تشير إلى فوائدها الصحية على كل من الطفل ووالديه من الناحيتين البيولوجية والنفسية، خلافاً للنهج الذي يشجع المحافظة على المسافة خلال ساعات الليل، ووضع أجهزة مراقبة في غرفة الطفل لإبقاء الأهل على علم بكل تحركاته واحتياجاته.
ومن بين الفوائد المتنوعة لتلك التجربة الحميمية بين الطفل ووالدته، تبرز بضع نقاط أهمها:
الرابط العاطفي
تفيد بحوث يابانية أن النوم المشترك لا يفيد الأطفال فحسب، بل الآباء والأمهات أيضًا. فهو يولد رابطة أعمق بين الاثنين، وينظم أنماط النوم ومعدل ضربات القلب. إضافة إلى ذلك، تجعل مشاركة السرير العلاقة بين الطفل والوالدين أكثر صلابة ومتانة. ولا يتعلق الأمر بالقرب الفيزيولوجي فحسب، بل بتكريس الشعور بالاهتمام والرعاية وتعزيز التواصل على المستوى العميق، خاصة بالنسبة للأطفال غير الناطقين بعد والذين يستخدمون جسدهم والأصوات البسيطة للتعبير عن أنفسهم والتواصل مع ذويهم.
تعزيز الراحة والأمان
تخلق عادة مشاركة السرير مع صغارنا بيئة دافئة وآمنة لهم. يشعر الطفل بلمسات والديه وحنانهما كل الليل؛ ما يسهم في تهدئة أعصابه وتخفيف التوتر، فينام بسلام ودون الشعور بالوحدة. يعزز هذا الشعور بالاحتضان نوعية نوم الطفل ويسهم في استقراره العاطفي والجسدي على المدى البعيد.
تسهيل الرضاعة الطبيعية
بالنسبة للأمهات المرضعات، يمكن أن تكون مشاركة السرير وسيلة مريحة للإرضاع خلال الليل، دون الحاجة للنهوض من السرير أو مغادرة الغرفة وجعل الطفل يتنظر طويلًا.
تكوين الذكريات
الأوقات التي نمضيها مع أطفالنا في السرير قد تكون بداية لصفحات من ذكريات الطفولة الجميلة. تحمل تلك اللحظات في طياتها كثيرًا من الضحك والألعاب والأحاديث اللطيفة وغيرها من الأمور التي تصقل شخصية الطفل وتجعله يشعر بأنه جزء لا يتجزأ من أسرته. تجبر هذه الممارسة الآباء أيضًا على التباطؤ والاستمتاع باللحظات التي قد يفتقدونها عند الاطمئنان على أطفالهم من خلال أجهزة مراقبة الطفل.
ممَّ علينا الحذر؟
على الرغم من الفوائد العديدة لمشاركة السرير مع الطفل، يجب أن نكون حذرين تمامًا وأن نتحلى بالتوازن في ما يتعلق بهذه التجربة. علينا ألا نغفل أهمية تعليم الطفل كيفية النوم وحيدًا في مرحلة ما، فالاعتماد الكامل على مشاركة السرير مع الأم قد يؤثر على استقلالية الطفل في المستقبل. لتحقيق أقسى ما في تلك التجربة علينا مراعاة ما يلي:
خطورة الاختناق
مشاركة السرير يمكن أن تزيد من خطر الاختناق على الطفل، خاصة إن كان الوالدان ينامان بشكل غير منظم أو إذا كانت هناك ملاءات ثقيلة لا تناسب حجم الطفل.
ضرورة تعزيز الاستقلالية
من المهم أن يتعلم الطفل أيضًا كيفية النوم في سريره الخاص، وذلك لتعزيز شعوره بالاستقلال وتحقيق الأمان في غرفته الخاصة دون الحاجة للتطمين المستمر من ذويه.
عدم إهمال العلاقة الزوجية
قد تنعكس عادة مشاركة السرير مع الطفل بشكل سلبي على العلاقة الزوجية، إذ يحتاج الزوجان إلى مساحة خاصة ووقت منفرد. علينا تحقيق التوازن من هذه الناحية، والتأكد دومًا من قضاء الوقت النوعي مع الشريك.
مشاركة الفراش مع الطفل هي تذكير بأن الامومة هي رحلة، لا وجهة. وهي تعزز الاستمتاع باللحظات الصغيرة وتجد الجمال في أبسط التفاصيل؛ ما يعكس قوة اللمسة الإنسانية وأهميتها على تكوين الطفل النفسي والعاطفي.