في عالم الروبوتات، لا تتوقف الابتكارات عن مفاجأتنا، فكل يوم نشهد اختراعات جديدة تساعدنا على فهم محيطنا بشكل أفضل وتوظيف التكنولوجيا في حياتنا.
وقد أحدث فريق من الباحثين في جامعة ولاية كارولينا الشمالية تطورًا كبيرًا في مجال الروبوتات السباحة، حيث تمكنوا من تحقيق رقم قياسي جديد لروبوت ناعم يسبح بأسرع من أي وقت مضى، مستلهمين في تصميمه من حركات أسماك مانتا.
قبل عامين، قدّم الفريق أول نموذج لروبوت ناعم قادر على السباحة بسرعة تصل إلى 3.74 طول جسمه في الثانية. ومع ذلك، لم يتوقف الفريق عن البحث والتطوير، حيث قدموا الآن نموذجاً مُحسّناً يمكنه السباحة بسرعة 6.8 طول جسمه في الثانية. ما يميز هذا الروبوت الجديد هو قدرته على السباحة في الأعماق أيضًا، عكس النموذج السابق الذي كان يسبح فقط على سطح الماء. هذه النقلة النوعية في الأداء هي نتيجة لتحسينات كبيرة في تصميم الروبوت، جعلت منه أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
يعتمد تصميم الروبوت الجديد على فكرة مبتكرة مستوحاة من حركات أسماك مانتا البحرية. فالفكرة الأساسية هي أن الزعانف المصممة لهذا الروبوت تُمثل تلك الموجودة لدى أسماك مانتا، حيث يتم تحريك الزعانف بواسطة ضخ الهواء في غرفة داخل جسم الروبوت المرن المصنوع من السيليكون. عند ضخ الهواء، تنحني الزعانف إلى الأسفل، ثم تعود بسرعة إلى وضعها الطبيعي عند تفريغ الهواء، مما يحاكي حركة السباحة عند أسماك مانتا.
ويشير الباحث هايتاو كينغ، مؤلف الدراسة الرئيس، إلى أن هذه التقنية لا تحتاج سوى إلى محرك واحد فقط لتحريك الزعانف، مما يسهم في تحسين سرعة الحركة وتوفير الطاقة.
يعتمد نجاح هذا الروبوت على تقنية ضخ الهواء في الغرفة الموجودة داخل جسمه، حيث يتم إدخال الطاقة إلى النظام عند ضخ الهواء، وعند تفريغه تُطلق الطاقة المخزنة في الزعانف، مما يسمح بحركة سريعة وفعّالة. كما تسهم الغرفة الهوائية في تعديل الطفو والتحكم في الحركة العمودية للروبوت داخل الماء. وقد استلهم الباحثون من حركة أسماك المانتا، التي تستخدم نفثين من الماء لتعديل مسارها، لتطوير قدرة الروبوت على السباحة عموديًا، سواء بالصعود أو النزول. وقد أثبتت التجارب العملية كفاءته، حيث تم اختباره في دفعه عبر عقبات وحمل حمولة على سطح الماء، ما يثبت أن التصميم ليس مجرد نموذج تجريبي، بل قابلاً للتطبيق في المستقبل.
ورغم أن هذا الروبوت يمثل إنجازًا مهمًا في مجال التكنولوجيا المائية، فإن الفريق لا يزال يعمل على تحسينه. حيث يطمحون إلى تحسين حركة الروبوت الجانبية وابتكار تقنيات جديدة لزيادة قدرته على المناورة في بيئات معقدة. ويعترف الباحث جيي ين بأن "التصميم بسيط من حيث المفاهيم الأساسية، لكن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لتحسين الأداء".
الروبوت المستلهم من حركة أسماك مانتا يُعدّ خطوة هامة نحو تصميم روبوتات أكثر كفاءة ومرونة، ويمكن أن تكون له تطبيقات عملية في مجالات متعددة مثل الاستكشافات المائية، أو حتى في المستقبل في مجال الطب والعلاج المائي.