هل تنتابك مشاعر الغيرة في علاقتك، فتدفعك رغبة ملحّة إلى تفقد هاتف زوجك، أو البحث في رسائله، أو التدقيق في قائمة اتصالاته بحثًا عن أي رقم يثير الشك؟
وربما تجدين نفسك تتساءلين عما يحدث حقًا عندما يخبرك بأنه سيتأخر بسبب اجتماع طارئ في العمل، فتبدأ الوساوس والافتراضات بالسيطرة على أفكارك.
تزداد هذه التصرفات إذا لاحظتِ علامات أو تصرفات تثير الشك، لكن في المقابل، التجسس على الشريك قد يُعد تجاوزًا للحدود وانتهاكًا لخصوصيته، وهو ما قد ينعكس سلبًا على العلاقة.
لا شك في أن الغيرة شعور إنساني طبيعي يظهر في العلاقات العاطفية بطرق مختلفة، وقد يكون دافعًا لتعزيز الارتباط بين الشريكين. لكن عندما تتحول إلى هاجس يسيطر على التفكير، فإنها قد تصبح عبئًا يُفسد جمال العلاقة.
في هذا السياق، تناولت أخصائية العلاقات أبريل إلديمير في مقال لها على موقع Gottman أبعاد الغيرة في العلاقات العاطفية، أسبابها، وكيفية التعامل معها بشكل صحي يحافظ على التوازن بين الثقة والخصوصية.
تؤكد أبريل أنه عندما تفهمين سبب غيرتك، يمكنك التعامل معها بطريقة بناءة؛ لأن إدراك نقاط الضعف الدائمة لدى شريكك وتقبلها، بالإضافة إلى نقاط ضعفك الخاصة، من شأنه تعزيز علاقتك:
الغيرة غالبًا ما تكون انعكاسًا لانعدام الأمان أو تجارب الماضي المؤلمة أكثر من كونها نتيجة مباشرة لتصرفات الشريك.
على سبيل المثال، إذا كنت قد تعرضت للخيانة في علاقة سابقة، فقد تصبحين أكثر حساسية لأي تصرف قد يُفسَّر على أنه تهديد لاستقرار العلاقة.
ولذلك من الضروري مشاركة هذه المخاوف مع الشريك ليتمكن كل طرف من فهم حدود الآخر واحترامها.
وقد تنبع الغيرة أيضًا من تدني تقدير الذات أو الصورة السلبية عن النفس. حين لا يشعر الشخص بأنه جذاب أو يستحق الحب، يصبح من الصعب عليه تصديق أن شريكه يحبه ويقدّره حقًا.
إضافة إلى ذلك، فإن التوقعات غير الواقعية للعلاقة قد تغذي مشاعر الغيرة، مثل الاعتقاد بأن الشريكين يجب أن يقضيا كل وقتهما معًا، في حين أن وجود مساحة شخصية ضرورية للحفاظ على توازن العلاقة.
من المهم إدراك أن المشاعر ليست دائمًا حقائق. لذا، عند الشعور بالغيرة، اسألي نفسك: "هل هذا حقيقي؟ هل هناك دليل على أن شريكي يتصرف بطريقة تهدد علاقتنا؟"
إذا لم يكن هناك دليل واضح، فمن الأفضل عدم الاستسلام للأفكار السلبية، بل الاعتراف بها ثم استبدالها بتفسيرات أكثر واقعية ومنطقية.
الغيرة قد تتحول إلى سلوكيات غير صحية تؤثر سلبًا في العلاقة. من أبرز علامات الغيرة المفرطة:
الغيرة ليست دائمًا شعورًا سلبيًا، بل قد تكون إشارة إلى أن هناك شيئًا يحتاج إلى الاهتمام.
فالعلاقات الصحية تقوم على الاحترام، الثقة، والشفافية. إذا كنت تشعرين بالغيرة بسبب تصرف معين من شريكك، فبدلًا من التسرع في إصدار الأحكام، ناقشي مشاعرك معه بأسلوب هادئ وباستخدام عبارات مهذبة ومحترمة وتجنبي تبادل الاتهامات.
على سبيل المثال، بدلًا من قول "أنت لا تهتم بي"، يمكن التعبير عن المشاعر بطريقة بناءة مثل "أشعر بعدم الارتياح عندما لا أعرف أين أنت أو مع من تقضي وقتك. سيكون من المفيد لي لو أخبرتني بذلك".
الانفتاح والوضوح بين الشريكين يساعدان على تقوية العلاقة. من المهم وضع حدود واضحة فيما يتعلق بالتفاعلات مع الآخرين.
وكلما كان الشريكان أكثر شفافية وأولوية لعلاقتهما على أي التزامات أخرى، زادت قوة الرابطة بينهما.
إذ إنه عند فهم أسباب الغيرة والتعامل معها بأسلوب ناضج، يمكن تحويلها من تهديد إلى فرصة لتوطيد العلاقة وتعزيز المشاعر الإيجابية بين الشريكين.
الغيرة شعور طبيعي وقوي في العلاقات، لكنها قد تصبح سلاحًا ذا حدين. فإذا دفعتكِ إلى التجسس أو محاولة التحكم في الشريك، فأنتِ بذلك لا تعززين علاقتكما، بل تضعينها على طريق الفشل.
لذا، كوني حكيمة في مشاعرك، وتحكّمي في غيرتكِ قبل أن تتحكم هي بكِ. اجعليها دافعًا لتعزيز الثقة بينكما، لا سببًا لتوتر العلاقة وتدهورها.