في عالم العلاقات، يُعتبر القبول أحد الأسس التي تسهم في بناء روابط قوية ومزدهرة بين الشركاء.
إلا أن هذا المفهوم قد يُساء فهمه أحيانًا، إذ يراه البعض تجنبًا للتعامل مع المشاكل أو قبول السلوكيات الضارة.
ولكن في الحقيقة، القبول ليس مجرد تسامح مع النواقص؛ بل هو قوة تحوّلية تسهم في تعميق الفهم، وتعزيز الثقة، وتعزيز النمو المتبادل بين الأفراد.
القبول وفق الدكتورة كارولين شارب وفي مقالها المنشور على psychologytoday، يعني احتضان الشريك بكل ما فيه من نواقص وقوة، مع الحفاظ على احترام الحدود الصحية والقيم المشتركة.
وتضيف الدكتورة، أن القبول هو ليس التنازل عن الحقوق أو تغاضيًا عن السلوكيات السلبية، بل هو إفساح المجال للاعتراف بالإنسانية الكاملة للشريك مع العمل على تحسين العلاقة في إطار من الاحترام المتبادل.
واستعرضت الدكتورة كيف يمكن للقبول أن يحسن العلاقة من خلال:
عندما يشعر الإنسان بالقبول كما هو، بغض النظر عن عيوبه أو ضعفه، يُبنى أساس من الأمان العاطفي الذي يؤدي إلى تعزيز الثقة. هذا الأمان هو ما يسمح للشركاء بمشاركة مخاوفهم وأخطائهم دون خوف من الرفض أو الانتقاد. كلما زادت الثقة، زادت القدرة على النمو معًا.
عندما يشعر الشريك بالقبول، يكون أكثر استعدادًا لتغيير سلوكه للأفضل. النقد المستمر قد يخلق مشاعر الدفاع والهروب، بينما القبول يخلق بيئة آمنة تعزز رغبة الفرد في تحسين نفسه، ليس لأنه مُجبر، بل لأنه يشعر بالحب والدعم.
القبول لا يعني تجاهل السلوكيات الضارة أو السماح بتجاوز الحدود. بل على العكس، هو الاعتراف بنقاط ضعف الشريك والعمل معًا على إيجاد حلول تحترم كل فرد في العلاقة. كما أنه يشجع على المساءلة، ويعزز النمو المشترك.
القبول يساعد على تقليل حدة الخلافات، حيث يركز على فهم الآخر وتقديره بدلاً من محاولة تغييره. هذا يسهم في تقليل النزاعات وتحويلها إلى فرص للتواصل وبناء الحلول المشتركة.
العلاقات تتعرض للتحديات والصعوبات، ولكن القبول يزوّد الأزواج بالقدرة على التكيف والتغلب على هذه التحديات. عندما يتقبل الشركاء بعضهم بعضًا، يصبح لديهم القدرة على الصمود والتطور معًا.
من المهم التمييز بين القبول والتسامح. القبول لا يعني قبول السلوكيات السامة أو الضرر المتعمد، بل هو التقدير الكامل لشخصية الشريك والعمل معًا على تحسين العلاقة.
التسامح يتطلب التعامل مع الخطأ دون توقع تغيير، بينما القبول يعني التفاعل النشط والتغيير المشترك.
القبول ليس مجرد غياب الانتقاد أو المساومة، بل هو قوة تحرر إمكانيات العلاقة بالكامل. إنه يمنح العلاقة أساسًا قويًّا من الثقة والدعم المتبادل؛ ما يتيح لك ولشريكك التقدم والنمو معًا.