في عالمنا الحديث، بات التسوق نشاطًا يحقق الكثير من الفوائد النفسية، حيث يعتبر الكثيرون أن "العلاج بالتسوق" وسيلة فعالة لتحسين الحالة المزاجية.
عندما يشعر الناس بالضغط أو الإحباط، يلجؤون إلى التسوق كوسيلة للهروب من مشاعرهم السلبية.
يتجاوز التسوق فكرة كونه مجرد حاجة ملحة، ليتحول إلى نشاط علاجي للعديد من الأفراد حول العالم. يُنظر إلى هذا النشاط كوسيلة لتخفيف الضغوط اليومية، فهو يقدم للأشخاص فرصة للهروب من روتينهم الممل أو الهروب من مشاعرهم السلبية؛ ما يسهم في تحسين حالتهم النفسية.
أظهرت دراسة شملت 23 دولة وأكثر من 114,000 شخص أن نحو 80% من المشاركين ذكروا أنهم قاموا على الأقل بشراء شيء واحد على الأقل لتحسين مزاجهم خلال الشهر الماضي، رغم أن 42% فقط منهم أشاروا إلى قدرتهم على تحمل مثل هذه النفقات.
يقول جاستن كوك، رئيس أبحاث المنتجات الاستهلاكية في ديلويت في الولايات المتحدة: "لم يكن مفاجئًا أن الناس يقومون بعمليات شراء من أجل مكافأة أنفسهم، لكن ما فاجأنا هو مدى انتشار هذه الظاهرة بين عدد كبير من الناس على مستوى العالم".
إن التسوق كوسيلة لتحسين المزاج يُعرف بـ "العلاج بالتسوق". ويضيف عالم النفس الاستهلاكي كريس غراي، دكتور في علم النفس: "نعلم أن سلوك الإنفاق يتجاوز مجرد الحصول على أشياء. غالبًا ما يكون مرتبطًا بإشباع احتياجات عاطفية عميقة".
تسهم عملية التسوق أيضًا في تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالتمكين. فعندما يختار الأفراد المنتجات التي تعكس أسلوبهم الشخصي، يشعرون بالسيطرة على خياراتهم؛ ما يُعزز من ثقتهم بأنفسهم. هذا الشعور بالإنجاز، سواء من خلال شراء قطعة ملابس لطالما حلموا بها أو إيجاد شيء مميز، يُعزز من صورتهم الذاتية ويشعرهم بالنجاح.
بالإضافة إلى ذلك، يُعزز التسوق من مشاعر الانتماء من خلال التفاعلات الاجتماعية التي تحدث أثناءه. يُعد التسوق مع الأصدقاء أو العائلة تجربة ممتعة تتيح للناس التواصل وبناء روابط أعمق. تلك اللحظات المشتركة، مثل تبادل الآراء حول المنتجات أو اكتشاف أشياء جديدة معًا، تُعزز من الشعور بالفرح والانتماء.
رغم الفوائد النفسية التي يُقدمها التسوق، من الضروري أن يتم بمسؤولية. فالإفراط في التسوق دون مراعاة الوضع المالي يمكن أن يؤدي إلى ضغوط إضافية ومشاعر سلبية في المستقبل. لذا، يُعتبر من المهم وضع ميزانية محددة ومراقبة العادات الشرائية. يمكن للأفراد الاستمتاع بالتسوق كوسيلة لتحسين مزاجهم دون أن يضر ذلك بوضعهم المالي.
بينما يمكن أن يكون التسوق وسيلة فعالة لتحسين المزاج، يُنصح بعدم الاعتماد عليه كوسيلة رئيسة للتعامل مع المشاعر. يجب على الأفراد تنمية إستراتيجيات بديلة لتنظيم عواطفهم، مثل: ممارسة الرياضة، والتأمل، وقضاء الوقت في الطبيعة، أو الانغماس في الهوايات. هذه الأنشطة تُوفر طرقًا صحية ومستدامة لتحسين الحالة المزاجية وتعزيز الصحة بشكل عام.
إن التسوق كعلاج نفسي يُعتبر تجربة غنية بالمعاني والفوائد، حيث يعزز من الشعور بالراحة والرضا النفسي. ومع ذلك، من المهم التعامل معه بحذر وفهم الحدود المالية والاجتماعية.