عندما تهتز الأرض تحت أقدامنا، يشعر الجميع بالارتباك والخوف، ولكن الأطفال يكونون أكثر حساسية لهذه اللحظات الصعبة، فالزلزال، رغم كونه ظاهرة طبيعية، فهو يترك أثرًا عميقًا في نفوس الأطفال، الذين يرون فيه شيئًا غامضًا ومخيفًا لا يفهمون أبعاده.
وحين يحدث الزلزال، يشعر الأطفال بالخوف وعدم الأمان، ويحتاجون إلى دعمكِ من أجل تجاوز هذه التجربة المربكة والمؤسفة أحيانًا.
في هذا المقال، نستعرض كيفية تهدئة طفلِك خلال الزلزال وبعده، ما يساعده على الشعور بالطمأنينة والاستقرار في مثل هذه الأوقات الصعبة.
أول خطوة لتهدئة طفلك هي أن تبقي هادئة. الأطفال يستمدون شعورهم بالأمان من تصرفاتك ونبرة صوتك، إذا رأوكِ متماسكة، سينعكس ذلك عليهم، حتى لو كنتِ تشعرين بالخوف من الداخل. استخدمي كلمات بسيطة ومطمئنة لتوضحي لهم ما يحدث، مثل "نحن بخير، نحن هنا معًا، وكل شيء سيكون على ما يرام".
اللمس والاحتضان هما من أقوى الوسائل لطمأنة الطفل خلال الزلزال وبعده. احتضني طفلك بقوة واشعريه بدفء حنانك، فهذا يساعده على استعادة الشعور بالأمان.
وبعد الزلزال، استمري في تقديم هذه اللمسات الحنونة، سواء أكان ذلك من خلال حضن دافئ أم لمسة رقيقة على كتفه. هذه الإشارات الجسدية تحمل رسالة قوية للطفل بأنه ليس وحيدًا وأنكِ بجانبه.
بعد مرور الزلزال، من الضروري التحدث مع طفلك حول ما حدث. امنحيه الفرصة للتعبير عن مشاعره، واسأليه عمّا شعر به خلال اللحظات الصعبة. استمعي إليه بعناية، ولا تقللي من مشاعره أو مخاوفه. قدمي له تفسيرات بسيطة تفهمه بأن الزلزال ظاهرة طبيعية وأنه نادر الحدوث.
كما يمكنكِ أيضًا تشجيعه على الرسم أو اللعب للتعبير عن مشاعره، فهذه الأنشطة تتيح له تفريغ التوتر بطرق غير مباشرة.
اللعب هو من أقوى الأدوات التي يمكنك استخدامها لتحويل انتباه طفلك عن الخوف بعد الزلزال. قدمي له ألعابه المفضلة، أو شاهدا فيلمًا كرتونيًا يحبه. هذا التشتيت يساعده على نسيان التجربة المرعبة والتركيز على الأشياء التي تجلب له الفرح.
الروتين اليومي يمنح الطفل شعورًا بالاستقرار والأمان. بعد الزلزال، حاولي استعادة روتين طفلك المعتاد بأسرع وقت ممكن. حافظي على مواعيد نومه ووجباته وأوقات اللعب، فهذا يساعده على الشعور بأن الحياة عادت إلى طبيعتها وأن كل شيء تحت السيطرة.
بعد أن تهدأ الأوضاع، يمكنك استغلال الفرصة لتعليم طفلك كيفية التصرف في حالة حدوث زلزال في المستقبل، ولكن بطريقة غير مخيفة. قدمي له تدريبات بسيطة على إجراءات السلامة، مثل الاحتماء تحت الطاولة أو الوقوف في أماكن آمنة بعيدة عن النوافذ. اجعلي هذا التعليم جزءًا من لعبة أو نشاط مسلٍ، حتى لا يشعر بالخوف، بل يتعلم بثقة وطمأنينة.
أحيانًا، قد يترك الزلزال أثرًا نفسيًا عميقًا على طفلك، يظهر في سلوكه، الأرق، الخوف الشديد، أو التعلق الزائد بك.
لذا، إذا لاحظتِ مثل هذه العلامات، فمن المهم أن تطلبي مساعدة مختص في علم نفس الأطفال. هؤلاء الخبراء يمكنهم تقديم الدعم اللازم لمساعدة طفلك على تجاوز التجربة الصعبة بشكل صحي.