وصف أحد الحكماء مرحلة المراهقة برحلة سفينة في بحر هائج؛ مليئة بالتقلبات والمفاجآت، إذ تكون الأجواء أحيانًا هادئة وأحيانًا أخرى عاصفة، في هذه المرحلة، يبدأ المراهقون في استكشاف هويتهم الخاصة وتجريب حدودهم، ما قد يؤدي إلى تصرفات طائشة أو متهورة.
إذا كنتِ أمًّا لمراهق، قد تجدين نفسك أمام تحديات وسلوكات غير متوقعة، ولكن لا داعي للقلق، فيوجد طرق ذكية وصحية يمكنك اتباعها للتعامل مع هذه المرحلة بحب وحنكة، وضمان أن يمر ابنك بها بسلام، ويصل إلى بر الأمان.
التفاهم يبدأ بالاستماع، امنحي ابنكِ المراهق الفرصة للتعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية، حتى لو بدت أفكاره غير منطقية أو متمردة، حاولي أن تستمعي من دون انقطاع أو حكم مسبق، افتحي حوارًا صادقًا واجعليه يشعر أنكِ صديقته قبل أن تكوني أمه، عندما يشعر بالأمان معك، سيتقبل توجيهاتك بشكل أفضل.
نحن نعلم أن المراهقين يحبون اختبار الحدود، ولكن هذا لا يعني أنه يجب التخلي عن القواعد، كوني حازمة ولكن بحب، وضعي حدودًا واضحة تساعده على فهم المسؤولية، احرصي على شرح الأسباب وراء هذه القواعد، واجعليها وسيلة لحمايته وليس تقييد حريته، عندما يعرف المراهق أن القواعد وضعت من منطلق حبكِ وحرصكِ عليه، سيبدأ باحترامها تدريجيًّا.
كل مراهق يتطلع إلى الاستقلالية، ولكن السؤال هو كيف نجعله يمارس هذه الاستقلالية بحكمة؟ بدلًا من فرض السيطرة، قدمي له بعض الحرية الموجهة، اطلبي منه اتخاذ قرارات يسيرة بمفرده، مثل تنظيم يومه أو اختيار نشاط يود ممارسته، امنحيه الفرصة ليخطئ ويتعلم من أخطائه، فهذا جزء طبيعي من عملية النمو.
عندما يتصرف ابنكِ بطيش، قد تكون ردة فعلكِ الأولى هي الغضب أو التوبيخ، ولكن تذكري أن الهدوء هو السلاح الأقوى، حاولي فهم الدوافع وراء تصرفاته، وتحدثي معه عن العواقب بطريقة غير انتقادية، امنحيه الفرصة ليعبر عن سبب تصرفه، وساعديه في التفكير ببدائل أكثر نضجًا في المرات القادمة.
المراهقون لديهم طاقة كبيرة، وإذا لم تُوَجَّه توجيهًا صحيحًا، قد تتحول إلى سلوكات طائشة، شجعيه على الانخراط في أنشطة يحبها، سواء أكانت رياضية أم فنية أم حتى تطوعية، مثل هذه الأنشطة لن تشغل وقته فقط، بل ستعزز من ثقته بنفسه، وتجعله يشعر بالإنجاز.
إذا شعرتِ أن تصرفات ابنكِ تتجاوز الحدود، وتسبب مشاكل حقيقية، فقد يكون الوقت قد حان للاستعانة بخبراء، لا تخجلي من طلب المساعدة من مستشارين أو مختصين في التعامل مع المراهقين، الدعم المهني قد يقدم لكِ ولابنك الأدوات اللازمة لتجاوز هذه المرحلة بأمان.