تعاني كثير من الأمهات من أزمة صباحية يومية في أثناء تحضير أطفالها للذهاب للمدرسة، فقد يبدو الأمر روتينيًّا للبعض، ويبدو لآخرين كابوسًا حقيقيًا يستنزف طاقة الأم بالكامل.
في هذا الموضوع نرغب في تسليط الضوء على هذه المشكلة وكيفية تعامل الأمهات معها، وكذلك رأي الخبراء ونصائح للتعامل مع هذا الروتين المرهق لكل من الطفل والأم.
تعتبر الكثير من الأمهات أن مشكلة إيقاظ طفلها من النوم هي مهمة مستحيلة، وتقودها إلى الجنون حرفيًّا، بينما تعتبر أمهات أخريات أن الاستيقاظ هو روتين عادي ضمن مهامها اليومية.
وقد تعتقد بعض الأمهات أنها مقصرة؛ لأنها لا تستطيع مجاراة الأخريات، وجعل الاستيقاظ مجرد أمر روتيني، لكن الحقيقة أن هناك اختلافات تثبتها دراسات علمية، تجعل استيقاظ بعض الأطفال مهمة شاقة ومستنزفة للأم.
كما يعبّر بعض الأطفال عن استيائهم من فكرة الاستيقاظ مبكرًا، وأن تحضيرات المدرسة هي عبارة عن فيلم رعب يجعلهم يفتقدون بسببه الرغبة للذهاب المدرسة.
خلصت دراسة علمية أجرتها "الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال"، اعتمدت على لجنة مؤلفة من 13 خبيرًا في النوم، درسوا وحللوا 864 مقالة علمية أن لكل طفل حسب عمره ساعات نوم محددة تقيمها ساعته البيولوجية، وعدم حصول الطفل على اكتفائه يؤدي به إلى التململ وسرعة الغضب، وعدم الرغبة في الاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة، والوقت المحدد للأطفال من عمر 6 إلى 12 سنة هو من 9-12 ساعة.
ووفقًا لهذه الدراسة قد نتمكن من فهم اختلاف وضع الأمهات، حيث يكتفي طفل الأولى ب 9 ساعات نوم، بينما يحتاج طفل آخر إلى 12 ساعة نوم، ولا يمكن تحديد الوقت المثالي لنوم الطفل، بل على الأم أن تعتمد على التجربة والخطأ حتى تتعرف على الوقت المثالي الذي يتوجب على الطفل فيه الخلود للنوم، ومن ثم الاستيقاظ بشكل أسهل صباحًا.
عودة إلى الساعة البيولوجية مجددًا، هناك دراسة أجرتها مجلة Sleep medicine review تؤكد أن إيقاعات الساعة البيولوجية للأطفال تتغير مع تقدمهم في العمر، وتجعلهم يميلون لأن يكونوا مسائيين، وهذا يعني أنهم يشعرون بالنشاط في وقت متأخر من الليل، مما يجعل الاستيقاظ مبكرًا أمرًا صعبًا بالنسبة لهم. وهذا سبب آخر يجعلك تبتعدين عند جلد الذات قليلا ولوم أطفالك على عدم تمكنهم من الاستيقاظ مبكرًا بشكل طبيعي ودون نوبات من المقاومة.
في حين أننا لا نتردد في تعريف أنفسنا كبالغين بأننا أشخاص صباحيون أو مسائيون، ونتعامل مع حياتنا وإيقاعها على هذا الأساس، نطالب أطفالنا أن يكونوا صباحيين على نحو افتراضي. ومع ذلك، تشير دراسة علمية نُشرت في مجلة "Chronobiology International" إلى تأثير نوعية النوم على مجموعات من المراهقين، حيث صُنِّفُوا كصباحيين أو مسائيين.
أظهرت نتائج الدراسة أن النظام المدرسي الكرواتي، الذي يوفر جداول زمنية متنوعة خلال أيام الدراسة، يتيح فرصًا أفضل لتلبية احتياجات النوم لدى جميع الطلاب، سواء كانوا صباحيين أو مسائيين. هذه النتائج تدفعنا إلى إعادة التفكير في فرضية الاستيقاظ المبكر على الأطفال، حيث يتضح أن بعضهم قد لا يتناسب معهم هذا النمط. لذا؛ يجب علينا أن نكون أكثر تفهمًا، ونقبل أن بعض الأطفال ببساطة يميلون إلى أن يكونوا مسائيين.
قد تعتقدين كأم بعد اطلاعك على هذه الدراسات أن حلم جعل طفلك يستيقظ بشكل أسهل أصبح مستحيلا، وأن ساعته البيولوجية وطبيعة إيقاعاتها هي المتحكم الآن، وليس بيدك شيء لتفعليه، لكننا هنا لمساعدتك على تجاوز كل تلك المعاناة بطريقة علمية تناسب احتياجاتك واحتياجات طفلك، بعيدًا عن النصائح النمطية نقدم لك حلولا أكثر تماشيًا مع حقيقة أن طفلك قد يكون مسائيًا بالفعل:
تؤكد استشارية الأمومة والطفولة المبكرة "رَوَد الجوبراني" في حوار خاص مع "فوشيا" أن تقبل فكرة الاختلافات بين الأطفال يعد خطوة مهمة تساعد الأم على البحث عن الحلول العملية عوضا عن الاستمرار في الشكوى من الوضع المرهق.
وأوضحت "الجوبراني" أن لكل طفل طبيعة خاصة. إذا فهمتها الأم، فسيسهل عليها ضبط ساعته البيولوجية. فعلى سبيل المثال، هناك نمط الطفل المنظم الذي يرتاح للنظام والروتين منذ ولادته، ويتأقلم عليه بسهولة. هذا الطفل يتأقلم جيدا مع الأم، مما يسهل تنظيم مواعيد النوم والأنشطة.
في المقابل، هناك نمط الطفل الحسي، الذي يركز على مشاعره في اللحظة الحالية أكثر من اهتمامه بروتينه اليومي. هذا الطفل يميل إلى مقاومة الروتين، مما يتطلب مرونة كبيرة من الأم في التعامل معه. يُفضل استخدام مبدأ التحديات والمكافآت تقديرًا لالتزامه، مما يساعده على الشعور بالراحة والرضا تجاه الروتين.
إنّ فهم طبيعة كل طفل ومعرفة الأسباب وراء السلوكيات التي تنتج من طرف أطفالنا تجعلنا نهدأ ونتعامل معها بطريقة أكثر حكمة ولطفًا، وهذا يجعل مهمة إيقاظ طفلك مهمة أسهل حيث ستتقنين التعامل معه بشكل أكبر؛ مما يخفف معاناتك اليومية.
من جهة أخرى أكدت دراسة علمية نشرتها مجلة Sleep Medicine Reviews أن الساعة البيولوجية لكل إنسان مثلها مثل أي شيء آخر تخضع لقانون التغيّر، حيث تشير الأبحاث إلى أن الأفراد يمكنهم تعديل إيقاعاتهم البيولوجية من خلال التغييرات التدريجية في نمط الحياة، مثل تغيير مواعيد النوم والاستيقاظ.
سواء كان بشكل طبيعي وفقًا للظروف أو بشكل تعمدي، حيث يمكنك تعويد نفسك على أن تكوني إنسانة صباحية بفعل العادة اليومية، وإجبار نفسك على الاستيقاظ يوميًا صباحًا باكرًا إلى أن تصبح عادة لديك.
كذلك يمكنك مساعدة أطفالك على تغيير ساعتهم البيولوجية، بافتراض أنها مسائية، وبفعل التدرج اللطيف يمكنك تحويلها لصباحية دون الخوض في حروب نفسية وإجبارية مرهقة لك ولطفلك.