نوم الطفل مع والديه، أو ما يُعرف بـ "النوم المشترك"، هو ممارسة شائعة في العديد من الثقافات حول العالم. رغم ذلك، فإن هذه الممارسة تثير العديد من الأسئلة حول تأثيراتها المحتملة على نمو الطفل، خاصة من الناحية النفسية.
وشهدت عادات النوم تغييرات جذرية عبر الزمن، فبينما كان تقاسم السرير مع الوالدين هو القاعدة في معظم الحضارات، ظهرت في العصر الحديث، وخاصة في الدول الغربية، صناعة متخصصة تساعد الآباء على تعويد أطفالهم على النوم بمفردهم.
في الماضي، كان تقاسم السرير مع الوالدين ممارسة شائعة وأحد الأمور الطبيعية. ومع ذلك، مع تغير أنماط الحياة والعادات الاجتماعية، بدأت تظهر نظريات جديدة تشجع على تدريب الطفل على النوم بمفرده.
يعتقد البعض أن تقاسم السرير يعزز الرابط العاطفي بين الوالد والطفل، ويساعد على تهدئة الطفل وتنظيم نومه.
ومع ذلك، هناك مخاوف من أن هذه الممارسة قد تزيد خطر متلازمة موت الرضيع المفاجئ، وتؤثر سلبًا على تطور استقلالية الطفل.
أجرت دراسة حديثة (Bilgin et al., 2024) تحليلًا شاملًا لبيانات أكثر من 16,000 طفل في المملكة المتحدة للتحقق من العلاقة بين نوم الطفل مع والديه في الأشهر الأولى من حياته وظهور مشاكل سلوكية ونفسية لاحقًا.
ووفقًا لموقع Psychology Today، لم تجد الدراسة أي دليل على أن نوم الطفل مع والديه في الأشهر الأولى يزيد احتمالية تعرضه لمشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق، أو مشاكل سلوكية مثل العدوان وفرط النشاط في مراحل لاحقة من الحياة.
أظهرت الدراسة أن عوامل أخرى تؤثر بشكل أكبر على صحة الطفل النفسية، مثل مستوى تعليم الوالدين وصحة الأم النفسية. فقد كان الأطفال لآباء ذوي تعليم منخفض أو أمهات يعانين ضائقة نفسية أكثر عرضة لمشاكل سلوكية ونفسية.
تشير هذه النتائج إلى أن تقاسم السرير ليس العامل الحاسم في تطور الطفل النفسي. هناك عوامل أخرى تؤثر في نمو الطفل، مثل البيئة الأسرية، التغذية، والرعاية الصحية. لذا، لا يوجد دليل قاطع على أن تقاسم السرير يؤثر سلبًا على النمو النفسي للطفل.
يجب على الآباء اختيار الأسلوب الذي يتناسب مع ظروفهم الخاصة واحتياجات طفلهم، مع الأخذ في الاعتبار النصائح التي يقدمها خبراء طب الأطفال ونفسية الطفل.
الأهم هو بناء علاقة قوية ومستدامة مع الطفل وتوفير بيئة آمنة ومحبة.