على الرغم من احتواء قمر تيتان، أكبر أقمار كوكب زحل، على تركيز مذهل من الجزيئات العضوية، إلا أن دراسة جديدة تكشف أن هذا القمر قد لا يكون قادراً على دعم سوى قدر ضئيل جداً من الحياة.
فريق من الباحثين من جامعتي أريزونا وهارفارد في الولايات المتحدة، استخدموا نماذج متقدمة لمحاكاة وجود الحياة على تيتان، مع التركيز على تحديد المناطق المحتملة لهذه الحياة وحجمها.
وتُظهِر نتائج هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة "The Planetary Science Journal"، أن فرص وجود حياة واسعة على تيتان تبدو محدودة للغاية.
تيتان.. عالم غريب ومُرَشح للبحث عن الحياة خارج الأرض
يُعد تيتان ثاني أكبر قمر في النظام الشمسي بعد قمر غانيميد التابع لكوكب المشتري، وهو يمتاز بوجود غلاف جوي كثيف مشابه للغلاف الجوي للأرض.
كما يحتوي سطحه على بحيرات وأنهار من الميثان السائل، إضافة إلى محيط مائي ضخم في باطنه قد يمتد إلى عمق 500 كيلومتر.
هذه البيئة الغنية بالمواد العضوية جعلت من تيتان هدفاً مهماً للبحث عن أشكال بدائية من الحياة خارج كوكب الأرض، رغم الظروف الباردة والقاسية التي يمر بها القمر.
مهمة "دراغونفلاي" الفضائية تكشف عن آفاق جديدة
من المقرر أن يكون تيتان الهدف المقبل لمهمة "دراغونفلاي" الفضائية التابعة لوكالة ناسا، التي ستنطلق في يوليو/تموز 2028.
ولكن، على الرغم من الافتراضات السابقة حول توافر المواد العضوية في تيتان، يرى الباحثون أن هذه التقديرات كانت تعتمد على فرضيات مبسطة، ولا تعكس الصورة الدقيقة للواقع.
دراسة الجلايسين: عنصر أساس للحياة؟
ترتكز الدراسة على "الجلايسين"، وهو أبسط الأحماض الأمينية التي يُعتقد أنها كانت وفيرة في المواد الأولية التي شكلت النظام الشمسي.
ومن خلال المحاكاة الحاسوبية، أظهرت الدراسة أن القليل فقط من المواد العضوية مثل الجلايسين يمكن أن يتم استهلاكه من قبل الكائنات الدقيقة على سطح تيتان.
وعلاوة على ذلك، فإن عملية نقل هذه المواد من سطح القمر إلى المحيط المائي تحت الجليد تتم ببطء شديد، مما يجعل الحياة على هذا القمر غير مرجحة بكثرة.
نتائج الدراسة: الحياة على تيتان قد تكون محدودة للغاية
أظهرت نتائج الدراسة أن المحيط الجوفي العميق تحت سطح تيتان قد يدعم كائنات مجهرية تتغذى على الجلايسين، ولكن الكمية المحدودة من المواد العضوية التي يمكن أن تصل إلى المحيط تجعل الحياة على تيتان بالكاد تكون قادرة على الاستمرار.
وقدّر العلماء الكتلة الحيوية المحتملة على تيتان بعدد ضئيل جداً من الكائنات الحية، تساوي وزن كلب صغير تقريباً، ما يشير إلى ندرة الحياة في هذا القمر.
استخدام أدوات شديدة الحساسية في البحث عن الحياة
تشير الدراسة إلى أن اكتشاف حياة على تيتان سيكون تحدياً كبيراً، نظراً لندرة الكائنات وتوزيعها الضئيل.
لذا سيكون من الضروري استخدام أدوات شديدة الحساسية وتقنيات بحث مبتكرة في البعثات الاستكشافية القادمة، مثل مهمة "دراغونفلاي"، لتحديد المواقع المحتملة لوجود الحياة على تيتان.
