لطالما كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) يعتبر من المشكلات السلوكية التي تصيب الأطفال، وظن العلماء لفترة طويلة أنه يختفي مع تقدم العمر.
لكن الأبحاث الحديثة أثبتت أن هذا الاضطراب يمكن أن يستمر إلى مرحلة البلوغ، بل ويظل غير مُشخص لدى العديد من البالغين لعدة أسباب.
ورغم أن الاهتمام بتشخيص ADHD لدى البالغين قد تزايد في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك تحديات عديدة تحول دون التشخيص المبكر والدقيق.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو اضطراب عصبي نمائي يسبب مشاكل في الانتباه والتركيز، ويؤدي إلى اندفاعية وفرط في النشاط. هذه الأعراض تبدأ عادة في مرحلة الطفولة، لكن في كثير من الحالات يتم تجاهلها أو تشخيصها بشكل خاطئ.
تشير الدراسات إلى أن حوالي 6% من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من هذا الاضطراب، لكن نصفهم تقريبًا لا يُشخصون إلا بعد سن الـ 18.
إحدى أبرز المشكلات التي تواجه تشخيص ADHD عند البالغين هي نقص التدريب المتخصص في هذا المجال. فمعظم الأطباء ليس لديهم التدريب الكافي لتشخيص هذا الاضطراب، ما يؤدي إلى تجاهل الأعراض أو تشخيصها على أنها اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق أو الاكتئاب.
الأعراض التي تظهر عند البالغين قد تكون أقل وضوحًا مقارنة بالأطفال. على سبيل المثال، قد يعاني الشخص البالغ من صعوبة في إتمام المهام التي تتطلب تركيزًا مستمرًا أو يصبح سريع الملل في الاجتماعات أو المواقف الاجتماعية. كما أن اضطراب التركيز قد يؤدي إلى مشكلات في العمل أو في العلاقات الشخصية.
عند تقييم شخص بالغ لاضطراب ADHD، من الضروري أن يتحدث الطبيب مع العائلة أو الأصدقاء لفهم الأعراض التي ظهرت منذ الطفولة. تتضمن عملية التشخيص مقابلات شخصية، تقييمات سلوكية، واختبارات سريرية. لكن، كما يقول الدكتور راسل رامزي، فإن هناك العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى التي تشترك في أعراض مشابهة، مثل القلق أو الاضطرابات ثنائية القطب، مما يجعل التشخيص أمرًا صعبًا ومعقدًا.
من أبرز التحديات التي يواجهها المصابون بـ ADHD في مرحلة البلوغ هو التشخيص المتأخر، وهو ما قد ينعكس على جودة حياتهم. في بعض الحالات، يتم تشخيصهم بعد معاناتهم من مشاكل في العمل أو في الحياة العائلية. يقول العديد من المصابين بالاضطراب إنهم كانوا يعتقدون لفترة طويلة أن مشكلاتهم ناجمة عن ضعف في الإرادة أو قلة الدافع، حتى جاء وقت قرروا فيه البحث عن التشخيص الصحيح.
هذه المشكلة تتفاقم عندما لا يتوفر الوعي الكافي حول هذا الاضطراب في المجتمع الطبي. على سبيل المثال، يقول الدكتور بيتر جنسن، أحد المتخصصين في ADHD، إن الكثير من الأطباء قد يتجاهلون التشخيص الصحيح بسبب ميلهم إلى ربط الأعراض بمشاكل أخرى مثل القلق أو الاكتئاب. هذا التشخيص الخاطئ يؤدي إلى تفاقم الحالة بدلاً من معالجتها بشكل فعال.
لإصلاح هذا الوضع، يعمل عدد من الخبراء في مجال ADHD على وضع إرشادات طبية واضحة تساهم في تحسين تشخيص هذا الاضطراب لدى البالغين. من المتوقع أن يتم نشر هذه الإرشادات في نهاية العام الحالي، والتي تهدف إلى مساعدة الأطباء على التمييز بين ADHD واضطرابات نفسية أخرى، وتوجيههم نحو العلاج الأنسب. هذه الإرشادات ستكون خطوة مهمة في تحسين حياة المصابين بهذا الاضطراب، وضمان تلقيهم العلاج المناسب.
التأخر في تشخيص ADHD يمكن أن يؤدي إلى مشكلات كبيرة في الحياة الاجتماعية والمهنية. فالمصابون بهذا الاضطراب قد يواجهون صعوبة في إدارة المهام اليومية، مثل دفع الفواتير أو إتمام الأعمال المنزلية، مما يؤثر على علاقاتهم الشخصية وقدرتهم على النجاح في وظائفهم. كما أن اضطرابات التركيز قد تؤدي إلى شعور دائم بالذنب والإحباط، ما يزيد من شعورهم بالعزلة أو الاضطراب النفسي.
يعد نشر الإرشادات الطبية المتخصصة خطوة مهمة نحو تحسين التشخيص والعلاج، ما يسهم في تقديم الدعم اللازم للمصابين بالاضطراب.
من خلال هذا التقدم في الفهم والإجراءات التشخيصية، يمكن للعديد من البالغين الذين يعانون من ADHD أخيرًا الحصول على التشخيص الصحيح والعلاج الذي يساعدهم في تحسين حياتهم اليومية.