د. ماثيو ماكورت
نتفق جميعًا بأن التمارين الرياضية مفيدة لأجسادنا، أليس كذلك؟. كيف لا نكون متفقين والجميع يتغنّى بفوائدها ويتحدث عنها وكأنها شعار رنّان لحياتنا تُطرب لسماعه آذاننا، نعيد ترديده إيماناً منا بصحته، أو اتباعاً لرأي أكثريتنا.
الدكتور ماثيو ماكورت، طبيب علم النفس السريري، أخصائي علاج البالغين في "عيادات سيج" كتب مقالا خاصا بموقع "فوشيا"، ألقى فيه الضوء عن كثب حول فوائد التمارين الرياضية، وكشف سبب شهرتها، ومدى صحة ما يتم تداوله حول فوائدها.
وقال الدكتور ماكورت في المقال "لا أخفيكم سراً أن الكثير مما يُشاع عنها صحيح!. مما لا شك فيه أن ممارسة التمارين الرياضية على نحوٍ صحيح يحسّن من صحتنا ويعزز من لياقتنا البدنية، مثل المشي أو الركض أو ركوب الدراجات الهوائية أو رفع الأثقال أو ممارسة أي شكل آخر من أشكال الرياضة، ولكن فوائد الرياضة لا تتوقف عند حدود صحتنا الجسدية فحسب، بل تتعداها لتلامس الجوانب النفسية أيضاً، ولا تقل فعاليتها عن أدوية الاكتئاب ومضادات القلق.
فالرياضة كما يؤكد ماكورت قد تلعب دوراً هاماً في توطيد علاقتنا مع ذاتنا ومع الآخرين، وصقل مهارات تفكيرنا وقدراتنا على اتخاذ القرارات، ناهيك عن دورها في رفع مستويات إنتاجيتنا.
التواصل يُزهِرُنا
ويضيف الدكتور، في السنوات الأخيرة الماضية، شهدت التمارين الرياضية وأساليب تعزيز اللياقة البدنية ثورة تطويرية، فقد تجاوزت حدود التمارين التقليدية لتصبح أكثر تركيزًا على خدمة المجتمع واحتياجاته المتنامية.
وبين أن هذا التحول يبرز واضحًا من خلال التنوع الملفت في البرامج الرياضية مثل فصول التمرين الجماعي أو أستوديوهات اليوجا وحتى نوادي الجري وركوب الدراجات، والتي لم تعد مجرد مراكز مخصصة لممارسة الرياضة، بل أصبحت أيضاً منصة للتواصل الاجتماعي وملاذاً يجد فيه الأفراد كل ما يحتاجون إليه من دعم عاطفي ومعنوي.
فليس من المهم أن تتمرن لوحدك في صالة الألعاب الرياضية، طالما أنك ستكون في نهاية المطاف محاطاً بأشخاص تجمعك معهم الأهداف نفسها.
ويقول ماكورت، إن الإنسان يميل عموماً إلى التواصل والتفاعل الاجتماعي، فلم نُخلق لنكون وحدنا، والعزلة تخالف طبيعتنا. وهذا ما جعلنا نتطور ونعيش ضمن جماعات ونتحول إلى مجتمعات. ولذلك، فإن وجود التمارين الرياضية والنشاطات البدنية في حياتنا ضروري للعثور على المجتمع الذي ننتمي إليه، ومن منظور الصحة النفسية، تتيح لنا الرياضة فرصة محاربة الشعور بالوحدة والبقاء بعيداً عن العزلة.
فوائد تتجاوز التصبب عرقاً
ولا تنحصر فوائد الرياضة على ما هو مذكور في هذا المقال، بل إنها تتجاوزها بكثير وتتخطى حدود أجسادنا بحسب الدكتور. فعندما نتعلم كيف نعتني بصحتنا الجسدية والنفسية، فنحن نعزز من قدراتنا على اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تغيّر حياتنا نحو الأفضل وتمنحنا شعوراً بالرضا.
ويضيف، عندما نمارس التمارين الرياضية برفقة مجموعة مشتركة، فإننا نتيح لأنفسنا فرصة تنمية مشاعر الانتماء للمجتمع. وحين نشجع أنفسنا على ممارسة الرياضة (لا سيما عندما تميل أنفسنا إلى رفضها)، فنحن نسهم في تقوية عزيمتنا وإصرارنا وقدراتنا على مواجهة مختلف الصعوبات التي نتعرض لها في حياتنا.
ويختتم الدكتور ماكورت مقاله بالتاكيد على أن التمارين الرياضية ليست الوصفة المثالية لحل جميع مشاكل حياتنا، أو العصا السحرية لتعزيز صحتنا النفسية، بل إنها أداة لا مثيل لها توجّهنا نحو المسار الصحيح، ومن يدري إلى أين تقودنا؟