في تقدم علمي واعد، كشفت مايو كلينيك عن نتائج دراسة طبية تفتح آفاقًا جديدة في علاج الورم الأرومي الدبقي، أحد أكثر أنواع سرطان الدماغ فتكًا وشراسة، خاصةً لدى المرضى كبار السن.
وتُظهر هذه الدراسة نتائج مشجعة في استخدام علاج بحزمة البروتونات ذات التجزئة المصغرة، وهو أسلوب مبتكر في العلاج الإشعاعي، مع الاعتماد على تقنيات تصوير متقدمة لضمان استهداف دقيق للورم مع تقليل الأضرار على الأنسجة السليمة في الدماغ.
يُعد الورم الأرومي الدبقي من أخطر أنواع السرطان التي تصيب الدماغ، حيث يتميز بسرعة نموه وانتشاره داخل الأنسجة السليمة، مما يجعل استئصاله جراحيًا أمرًا في غاية التعقيد. ويواجه الأطباء تحديات كبيرة في محاولات استئصال هذا الورم، حيث يتطلب الأمر موازنة دقيقة بين إزالة أكبر قدر ممكن من الورم مع الحفاظ على الأنسجة الدماغية الحيوية التي تتحكم في وظائف أساسية مثل الحركة والكلام.
أدى استخدام العلاج بحزمة البروتونات، الذي يعد أكثر دقة من العلاج الإشعاعي التقليدي، إلى نتائج مبشرة في علاج الورم الأرومي الدبقي.
ويتميز هذا العلاج بقدرته على توجيه الإشعاع مباشرة إلى الخلايا السرطانية مع تقليل الضرر الذي يلحق بالأنسجة السليمة المحيطة بالورم. وتعد هذه التقنية متقدمة بشكل كبير مقارنة بالعلاج الإشعاعي التقليدي الذي يعرض الأنسجة السليمة للمخاطر والآثار الجانبية.
الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين بقيادة د. سوجاي فورا، اختصاصي علاج الأورام بالإشعاع في مايو كلينيك، ركزت على استخدام العلاج الإشعاعي بحزمة البروتونات بشكل قصير المدى.
وتم تنفيذ العلاج باستخدام تقنيات تصوير متقدمة مثل أشعة 18F-DOPA PET والتصوير بالرنين المغناطيسي المعزز بصبغة التباين. هذه التقنيات ساعدت الأطباء في رسم خرائط دقيقة للورم في الدماغ، مما أتاح لهم توجيه العلاج بشكل أكثر فعالية.
أظهرت النتائج الأولية للدراسة أن 56% من المرضى الذين يتجاوزون سن 65 عامًا، والذين شُخِّصُوا حديثًا بالورم الأرومي الدبقي، ظلوا على قيد الحياة بعد مرور 12 شهرًا، مع متوسط إجمالي للبقاء على قيد الحياة بلغ 13.1 شهر. مقارنةً بالدراسات السابقة التي أظهرت بقاء المرضى على قيد الحياة لفترة تتراوح بين 6 إلى 9 أشهر فقط، فإن هذه النتائج تبشر بتحسن كبير في علاج هذا النوع من السرطان، خاصةً لدى كبار السن.
تمكنت مايو كلينيك من استخدام تقنيات تصوير متقدمة لمساعدة الأطباء في تحديد المناطق الأكثر نشاطًا في الورم، والتي تمثل أكبر التهديدات للمريض. وبفضل هذه التقنيات، تمكن الباحثون من تركيز الإشعاع بشكل أكبر على المناطق المصابة بالورم، مع تقليل الأضرار التي تلحق بالخلايا السليمة.
وقال د. فورا "لقد سمحت لنا هذه التقنيات الحديثة بأن يكون الإشعاع مركزًا بدرجة أكبر، مما أدى إلى تقليل الأضرار التي قد تلحق بالأنسجة السليمة المحيطة بالورم. هذه النتائج تعطينا أملًا كبيرًا في إمكانية تحسين حياة المرضى بشكل كبير، مع الحفاظ على جودة حياتهم".
ختامًا، يمثل هذا الاكتشاف خطوة كبيرة في معركة الطب ضد الورم الأرومي الدبقي، ويعطي الأمل للعديد من المرضى، خاصةً كبار السن، في زيادة فرص بقائهم على قيد الحياة وتحسين نوعية حياتهم. بفضل التقنيات المتطورة مثل العلاج بحزمة البروتونات والتصوير المتقدم، أصبح الأطباء قادرين على معالجة هذا الورم القاتل بدقة أعلى، مما يفتح المجال لمزيد من الابتكارات في علاج الأورام السرطانية الأخرى.