كشفت نتائج الدراسات الصادرة عن المؤسسة الدولية لبحوث الشلل الدماغي التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها أنّ عدد المصابين بالشلل الدماغي في العالم تجاوز 17 مليون مصاب، وأنّ هذه الحالة المرضية تصيب واحداً من بين كلّ 500 مولود. وباستثناء الحالات الخفيفة، يتمّ تشخيص الشلل الدماغي والكشف عنه عادةً لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-18 شهراً.
وتحدث الإصابة بالشلل الدماغي نتيجة لتلف خلايا الدماغ خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة، أو خلال السنوات الثلاث إلى الخمس الأولى من حياة الطفل، حيث يؤثر المرض على المقوّية العضلية والحركة والمهارات الحركية. كما يؤدي أيضاً إلى حدوث مضاعفات صحية أخرى تشمل مشاكل في الرؤية والسمع والنطق، إضافة إلى صعوبات في التعلّم.
أسباب الشلل الدماغي
وتوضّح الدكتورة ماري خوسيه كارون، استشارية جراحة عظام الأطفال في مستشفى برجيل، أسباب الشلل الدماغي بالقول: "تحدث الإصابة بالشلل الدماغي خلال مرحلة الطفولة المبكرة نتيجة لإصابة الطفل باليرقان الشديد، أو التعرض لإحدى حالات التهابات الدماغ المتنوعة كالتهاب الدماغ (encephalitis)، والتهاب السحايا، والحلأ البسيط، أو نتيجة لتعرّض الطفل لإصابة في الرأس، أو العدوى الناجمة عن الالتهابات الجرثومية التي قد تصيب الحامل كالحصبة الألمانية."
وقد يُصاب الطفل بأيّ نوع من الأنواع الثلاثة الرئيسية للشلل الدماغي والتي تشمل "الشلل الدماغي التشنّجي" الذي يسبب تيبّساً في العضلات وصعوبة في تحريكها، و"الشلل الدماغي الكنعي" الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على حركات العضلات في الذراعين والساقين على وجه الخصوص، و"الشلل الدماغي الرنحي" (اللاتناسق الحركي) الذي يؤدي إلى عدم القدرة على تنسيق الحركات العضلية الإرادية وعدم سكون الأطراف عند الثبات.
تأثيراته
وتضيف الدكتورة كارون، الخبيرة في مجال تشخيص وعلاج وإدارة إصابات الجهاز العضلي الهيكلي والأمراض التي تحدث خلال السنوات الأولى من حياة الطفل: "يؤثر الشلل الدماغي على قدرة الطفل على السيطرة على حركات العضلات وتناسقها، ما يجعل مجرد قيامه بالحركات البسيطة كالحفاظ على توازنه أثناء الوقوف أمراً بالغ الصعوبة. كما تتأثر أيضاً الوظائف الحيوية لأعضاء الجسم الأخرى التي تتطلب تأديتها بعض المهارات الحركية والعضلية، والتي تشمل القدرة على التنفّس والتحكم بالمثانة والأمعاء، إضافة إلى تضرر قدرة الطفل المصاب على التعلّم وتناول الطعام بشكل طبيعي."
العلاج
وتسهم كلٌّ من المعالجة والتدخل الجراحي في تحسين نوعية حياة الأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي، حيث يتيح ذلك تحسين قدرة المصابين على الحركة والتعلّم والكلام والسمع، وتنمية مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية. وتختتم الدكتورة كارون تعليقها بالقول: "تسهم الأدوية والعلاج الفيزيائي والأجهزة التعويضية في رفع مستوى وظائف العضلات. كما تتيح عمليات جراحة العظام تحسين القدرة على المشي، وتصحيح حالات خلع الورك، واعوجاج العمود الفقري (الجنف)، والتي تعتبر من أبرز المشكلات التي يعاني منها المصابون بالشلل الدماغي."