العلماء يتوصلون لمعرفة أسباب ارتباط الإنفلونزا ونزلات البرد بفصل الشتاء

صحة ورشاقة
فريق التحرير
17 ديسمبر 2022,6:08 ص

هذه هي المرة الأولى في التاريخ الإنساني التي يتوفر فيها تفسير علمي فيما يتعلق بعامل واحد من استجابتنا المناعية الفطرية، وهي لماذا يصاب الناس بالمزيد من نزلات الإنفلونزا عندما يصبح الجو باردا؟

فرغم أن الجراثيم موجودة على مدار العام، إلا أنه مع ميلان الطقس للبرودة يبدأ معظمنا في العطس أو صعوبة الشم أو ما هو أسوأ، فيبدو الأمر كما لو أن جراثيم البرد والإنفلونزا المزعجة تستيقظ مع أول موجة من برد في الشتاء.

التفسير العلمي لهذه الظاهرة الإنسانية التي تكاد تكون فطرية، تكشّف الآن للمرة الأولى، في دراسة أكاديمية شاركت فيها عدة جامعات واختصرت نتائجها الدكتورة زارا باتيل، أستاذة طب الأنف والأذن والحنجرة في جامعة ستانفورد، بالقول: "لقد توصلنا إلى حقيقة أن الهواء البارد الذي نبدأ نتنفسه في الخريف ثم الشتاء يضر بالاستجابة المناعية التي تحدث في الأنف.. يقتل الكثير من الخلايا المقاومة للفيروسات والبكتيريا في الخياشيم، فتحصل نزلات البرد والإنفلونزا التي نراها في الشتاء".

البرد يقتل الخلايا المقاومة للفيروس




ووفقا لدراسة نُشرت في مجلة الحساسية والمناعة السريرية، وشاركت فيها جامعتا ماساتشوستس ونورث إيسترن، فإن انخفاض درجة الحرارة داخل الأنف لأقل من خمس درجات مئوية يؤدي إلى قتل ما يقرب من 50٪ من مليارات الخلايا المقاومة للفيروسات والبكتيريا في الخياشيم.

وقال طبيب الأنف بنجامين بليير، مدير أبحاث طب الأنف والأذن والحنجرة في جامعة ماساتشوستس، في حديث لشبكة "سي إن إن" "إن الهواء البارد مرتبط بزيادة العدوى الفيروسية، لأننا نفقد نصف مناعتنا بسبب هذا الانخفاض الطفيف في درجة الحرارة".

وبالتتبع المخبري تبين أن فيروس أو بكتيريا الجهاز التنفسي يغزو الجسم من الأنف، وهو نقطة الدخول الرئيسية إلى الجسم. وقد اكتشف الفريق البحثي أن الجزء الأمامي من الأنف يرصد الجراثيم قبل أن يعلم الجزء الخلفي من الأنف بها. عند هذه النقطة، تبدأ الخلايا المبطنة للأنف على الفور في إنشاء بلايين من النسخ البسيطة من نفسها تسمى "الحويصلات خارج الخلية"، وهذه الحويصلات تشبه نسخا صغيرة من الخلايا المصممة خصيصا لقتل هذه الفيروسات وتعمل كفخ خداعي،

لذلك عندما تستنشق فيروسا، يلتصق الفيروس بهذا الفخ بدلا من الالتصاق بالخلايا. ويتم طرد تلك "النسخ الصغيرة من الخلايا" بواسطة المخاط، وهكذا يتوقف غزو الجراثيم قبل أن تتمكن من الوصول إلى وجهاتها والتكاثر. ويقول الدكتور بيلير إن هذا الجزء من الجسم هو الوحيد من الجهاز المناعي الذي يترك الجسم ليحارب البكتيريا والفيروسات قبل أن تدخل فعليا إلى الجسم.

وبتعبير آخر يبدو الأمر كنكش خلية دبابير. قد ترى بعض الدبابير تحلق حولك دون أن تؤذيك، ولكن عندما تنكش خليتها، تطير جميعها من العش لتهاجمك. وبالطريقة نفسها يتعامل الجسم مع هذه الفيروسات حين استنشاقها حتى لا تتمكن أبدا من دخول الخلية، كما يقول الدكتور بليير

زيادة كبيرة في القوة المناعية




ووجدت الدراسة أن الأنف عندما يتعرض لهذا الهجوم يزيد من إنتاج هذه الحويصلات بنسبة 160٪. بالإضافة إلى أن تلك "الحويصلات خارج الخلية" يوجد على سطحها عدد من المستقبلات أكثر من الخلايا الأصلية؛ ما يعزز قدرتها على إيقاف الفيروسات.

قال بليير "يمكن أن نتخيل أن المستقبلات هي أذرع صغيرة بارزة، تحاول الإمساك بالجزيئات الفيروسية وأنت تتنفسها؛ ما يجعل لديها قدرة فائقة على الالتصاق".

وتحتوي الخلايا في الجسم أيضا على "قاتل للفيروس" يهاجم الجراثيم الغازية، أي أن الأنف يواجه المعركة مسلحا ببعض القوى الخارقة.

ولكن ماذا يحدث لتلك المزايا في الطقس البارد؟




يضيف الدكتور بليير: "عندما نتعرض للهواء البارد، يمكن أن تنخفض درجة حرارة الأنف كثيرا، وهذا الانخفاض يكفي للقضاء على جميع المزايا المناعية التي يتمتع بها الأنف. وأي برودة في الأنف تكفي لإخراج ما يقرب من نصف الحويصلات من المعركة، وهو ما يقلل من قدرة جهازك المناعي على محاربة التهابات الجهاز التنفسي بمقدار النصف.

ارتداء كمامة الأنف


ويخلص البحث إلى أنه أثناء جائحة كورونا أعطانا الوباء ما نحتاجه للمساعدة في مقاومة الهواء البارد والحفاظ على مناعتنا عالية. ولذا فإن ارتداء الكمامة يمكن أن يحمينا من الهواء البارد الذي يقلل من مناعتنا. فكلما زادت قدرتنا على الحفاظ على دفء الأنف، كلما كانت آلية الدفاع المناعي الفطرية قادرة على العمل بشكل أفضل.

google-banner
foochia-logo