نعرف جميعا مدى أهمية النوم بالنسبة لصحتنا، ويشدد الباحثون على ذلك، وينصحون في الحصول على قسط كاف من النوم خلال ساعات الليل، للوقاية من العديد من الأمراض، التي من ضمنها النوبات القلبية، السكتات الدماغية، الاكتئاب أو السكري.
وتبيَّن من دراسة جديدة نشرت نتائجها مؤخرا في مجلة PLOS Biology، أن عدم النوم بشكل جيد لليلة واحدة قد يؤثر على الطريقة التي نؤثر بها على المجتمع، وتحديدا ما إن كنا نريد تقديم المساعدة للآخرين أم لا، أي أنه قد يؤثر على مستوى الأنانية.
واعتمد الباحثون في دراستهم على شبكة الإدراك الاجتماعي الموجودة بالدماغ، ووجدوا أنها حينما تكون نشطة، فإننا نميل لمراعاة احتياجات ووجهات نظر الآخرين وقد نساعدهم، وأنها حين لا تكون نشطة أو مصابة، فإننا نفقد التعاطف والرحمة تجاه الغير.
ونوه الباحثون كذلك إلى أن قلة النوم قد تتسبب أيضا في تعطيل شبكة الإدراك الاجتماعي لدينا، وقد تؤثر على الطريقة التي نتعامل بها مع مشاعرنا ومع مشاعر الغير.
وتبين من التجربة التي أجراها الباحثون في الدراسة عن طريق فحصهم للمشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، أن الأشخاص الذين لم يناموا، كانت شبكة الإدراك الاجتماعي لديهم أقل نشاطا مقارنة بنظرائهم ممن حصلوا على قسط كافٍ من النوم ليلا.
جودة وكمية النوم تحدث فارقا على صعيد الإيثار
لدراسة تأثير النوم في بيئة أكثر واقعية، طلب الباحثون من أكثر من 100 مشارك تسجيل ملاحظاتهم على عملية النوم الخاصة بهم، وظل يداوم المشاركون على الرد على استبيانات يومية بشأن نواياهم لمساعدة الغير وسلوكياتهم في التعامل.
وتبين من النتائج أنه حينما تردت جودة نوم المشاركين، صاروا أقل ميلا لمساعدة غيرهم، فضلا عن تراجع سلوكياتهم على الصعيد الاجتماعي في تعاملاتهم الخاصة مع المحيطين بهم.
وبالمقابل، تبين للباحثين كذلك أنه حين تحسنت جودة النوم لدى البعض الآخر من المشاركين، كانوا أكثر ميلا لتقديم يد العون للآخرين، إلى جانب تعاملهم معهم بشكل أفضل.
ولهذا خلص الباحثون في الأخير إلى أن هناك ثمة علاقة قوية بين جودة النوم وبين تأثر الطباع والسلوكيات الشخصية للأفراد، لا سيما فيما يتعلق بجزئية الإيثار ومساعدة الغير.