تعد آلام الظهر المزمنة واحدة من أسوأ أنواع الآلام، لكن يبدو أن التخلص منها صار ممكنا إلى حد كبير عن طريق "إعادة تأهيل الألم"، على أساس علم الأعصاب.
ما الذي يمكن أن نفعله عندما تفشل جراحة الظهر في تخفيف الألم أو تحسين الأداء؟ هل نختار الخضوع لمزيد من الجراحات؟ أم نتجه للحصول على المساعدة بطرق أخرى؟
في السنوات الأخيرة ازداد عدد العمليات الجراحية في الظهر بنسبة كبيرة جدا، وعلى الرغم من أن نتائج العمليات الجراحية التي أجريت للمرة الأولى أظهرت فرصة نجاح بنسبة جيدة، إلا أن نسبة لا بأس بها من المرضى تخضع لعملية ثانية، وأحيانا ثالثة، دون تحسن ملحوظ. السؤال الذي أخذ يُطرح مؤخرا هو: هل يمكن تخفيف الألم دون اللجوء للجراحة؟
يتطلب اتخاذ القرارات بشأن الرعاية الصحية معلومات حديثة وموثوقة. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأطباء يعملون على فرضية أن آلام أسفل الظهر ناتجة أساسا عن الأعصاب المحيطية في تلك المنطقة من الجسم، وقد أدى هذا الافتراض إلى علاجات تركز فقط على الأعصاب أو على العمليات الجراحية المصممة لتخفيف الضغط.
مصفوفة عصبية
لكن أحدث النظريات العلمية العصبية تشير إلى أن الجهاز العصبي المركزي يخلق "مصفوفة عصبية" مؤلفة من المعلومات المعرفية والحركية والحسية والسلوكية والعاطفية، تشبه إلى حد ما "خريطة عصبية" معقدة وتفاعلية في الدماغ تحلل المعلومات الحسية متعددة القنوات الواردة من الأعصاب الطرفية من أجل قياس ما إذا كان هناك تهديد موجود أم لا، وإذا كان التهديد موجودا سيؤدي إلى إنتاج الألم.
بعبارة أخرى، فإن الدماغ ينتج الألم فقط عندما يعتقد أننا بحاجة إلى الحماية؛ أي أن الألم لا ينتج عن طريق أعصابنا المحيطية، ولكن عن طريق المخ عندما تخبره المعلومات الناتجة من الأعصاب بأن شيئا ما قد تغير.
إعادة التأهيل على أساس علم الأعصاب
التخلص من آلام أسفل الظهر (وأنواع أخرى من الألم المزمن) يجب أن يتضمن مقاربة متعددة الأوجه تشمل أفضل ممارسات إعادة التأهيل والتدريب الآمن على الحركة والتمرينات وتمارين التمديد (stretching) وتقوية العضلات، وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج الأشمل تحقيقا لهذه الغاية يتعلق بكيفية معالجة الدماغ للمعلومات، وكيفية رؤيته للألم، والتعامل مع التوتر، وإدارة العواطف، كما أن العلاج مع علماء النفس المختصين بعلاج الألم والمعالجين المدربين في إدارة الألم سيكون عنصرا قيّما في عملية العلاج.
إن العمل على تغيير تركيزك وعلاقتك بالألم يمكن أن يغير حياتك؛ لأنه سوف يجعل من الممكن البدء في التحرك والتفكير والاستجابة لآلامك المزمنة بشكل مختلف، وبمرور الوقت سوف تجدين أن لديك وقتا أطول لتعيشي الحياة التي ترغبين بها، بدلا من انتظار زوال الألم لمنحك الإذن للقيام بذلك.