يؤثر مرض بطانة الرحم المهاجرة على نحو 190 مليون سيدة وفتاة في سن الإنجاب على الصعيد العالمي، وهو حالة مزمنة يضر بصحة المرأة الجسمية والنفسية.
ورغم أن التهاب بطانة الرحم ليس مرضا قاتلاً، إلا أنه يؤثر إلى حد بعيد على نوعية حياة المرأة، وتتخطى آثاره مشاكل الدورة الشهرية والجماع والحمل مسببا آلام الحوض المزمنة ومشاكل في حركات الأمعاء والتبول وغيرها، وقد يسبب أيضا مضاعفات خطيرة تتطلب علاجًا طبيًا فوريًا.
وغالبا، تؤثر بطانة الرحم المهاجرة على النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 25 و40 عامًا، ويمكن أن تحدث أيضًا للفتيات الأصغر سنًا خلال سنوات المراهقة.
بطانة الرحم المهاجرة، أو ما يعرف بـ"الانتباذ البطاني الرحمي"، هو مرض ينمو فيه نسيج مشابه لبطانة الرحم خارج الرحم؛ ما يسبب ألمًا شديدًا في الحوض، ويجعل الحمل أكثر صعوبة.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنه "في حالة التهاب بطانة الرحم، تنمو أنسجة مشابهة لبطانة الرحم خارجه؛ ما يؤدي إلى التهاب، وتشكل أنسجة ندبية في منطقة الحوض، ونادرًا في أماكن أخرى من الجسم".
ووفقا لموقع clevelandclinic تشمل بعض الأماكن التي يمكن أن تصاب فيها المرأة بمرض بطانة الرحم ما يلي:
- خارج الرحم وخلفه
- قناة فالوب
- المبايض
- المهبل
- الصفاق (بطانة البطن والحوض)
- المثانة والحالب
- الأمعاء
- المستقيم
- الحجاب الحاجز
قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك أنواعاً عديدة من بطانة الرحم المهاجرة، أبرزها:
- بطانة الرحم السطحية: وجدت بشكل أساسي على الصفاق الحوضي.
- بطانة الرحم المبيضية الكيسية: ورم بطانة الرحم الموجود في المبيضين.
- بطانة الرحم العميقة: الموجودة في الحاجز المستقيمي المهبلي والمثانة والأمعاء.
- في حالات نادرة، تم العثور أيضًا على التهاب بطانة الرحم خارج الحوض.
السبب الحقيقي لمرض بطانة الرحم غير معروف، لكن هناك العديد من النظريات حول سبب التهاب بطانة الرحم، وإن كان أي منها لا يفسر بشكل تام سبب حدوث التهاب بطانة الرحم.
وذكر موقع Endometriosis-uk أن مزيجاً من العوامل قد يؤدي إلى ظهور التهاب بطانة الرحم لدى بعض المصابات، وتشمل:
- الحيض الرجعي: عندما تأتي الدورة الشهرية يتدفق جزء من بطانة الرحم إلى الخلف، ويخرج عبر قناة فالوب إلى البطن، ثم يزرع هذا النسيج نفسه على الأعضاء الموجودة في الحوض وينمو.
- الاستعداد الوراثي: تشير بعض الأبحاث إلى أن التهاب بطانة الرحم يمكن أن ينتقل إلى أجيال جديدة من خلال جينات أفراد الأسرة.
- الانتشار اللمفاوي أو الدورة الدموية: يُعتقد أن جزيئات أنسجة بطانة الرحم تنتقل بطريقة أو بأخرى حول الجسم عبر الجهاز اللمفاوي، أو في مجرى الدم؛ ما يفسر سبب وجوده في مناطق مثل العين والدماغ.
- خلل في المناعة: يعتقد أنه في بعض الحالات يكون الجهاز المناعي غير قادر على محاربة التهاب بطانة الرحم، ويبدو أن العديد من المصابات بالمرض لديهن مناعة منخفضة تجاه حالات أخرى.
- الأسباب البيئية: تشير هذه النظرية إلى أن بعض السموم الموجودة في بيئتنا، مثل الديوكسين، يمكن أن تؤثر في الجسم وجهاز المناعة والجهاز التناسلي، وتسبب التهاب بطانة الرحم.
- الحؤول: العملية التي يتغير فيها نوع واحد من الخلايا، أو يتحول إلى نوع مختلف من الخلايا، وهو ما يفسر كيف تظهر خلايا بطانة الرحم تلقائيًا داخل الجسم.
يمكن أن تختلف أعراض التهاب بطانة الرحم؛ إذ تتأثر بعض النساء بشدة، بينما قد لا يكون لدى البعض الآخر أي أعراض ملحوظة.
ووفقا لهيئة الخدمات الصحية بالمملكة المتحدة، فإن بعض الأعراض الشائعة لبطانة الرحم تشمل:
- ألما في أسفل البطن أو الظهر (الحوض).
- آلام الدورة الشهرية التي تمنع من أداء الأنشطة العادية.
- الألم في أثناء أو بعد ممارسة الجنس.
- الألم عند التبول أو التبرز في أثناء الدورة الشهرية.
- وجود دم في البول أو البراز في أثناء الدورة الشهرية.
- الشعور بالغثيان.
- الإمساك أو الإسهال.
- صعوبة في الحمل.
- الاكتئاب لدى بعض النساء.
ذكر موقع Hopkinsmedicine أن الأطباء قد يشتبهون في إصابة المرأة بالتهاب بطانة الرحم بناءً على تاريخها الطبي أو الفحص البدني، وقد يستخدمون هذه الأدوات لتشخيص التهاب بطانة الرحم:
- تنظير البطن: يجري الطبيب قطعا صغيرا في البطن، ويدخل أنبوبا رفيعا مزودا بضوء وكاميرا، لفحص الأنسجة داخل الرحم وما حوله، والتحقق من علامات نمو أنسجة بطانة الرحم.
- الخزعة: إذا وجد الطبيب أنسجة مشبوهة، فقد يستخدم جهازًا صغيرًا لكشط بعض الخلايا وإرسالها إلى المختبر لفحصها تحت المجهر.
لا يمكن الشفاء من بطانة الرحم المهاجرة تمامًا؛ فحتى وإن تم التخلص من النسيج الذي تكون خارج الرحم، فقد يعود في المستقبل، لذلك تهدف العلاجات إلى تخفيف الأعراض وتقليل فرصة عودتها في المستقبل.
ووفقا لموقع clevelandclinic، فإنه في بعض الحالات يمكن أن يختفي التهاب بطانة الرحم من تلقاء نفسه، ومع مرور الوقت تصبح آفات بطانة الرحم أصغر حجمًا في بعض الأحيان، وقد يكون عددها أقل.
أيضا يمكن أن يحدث هذا أيضًا بعد انقطاع الطمث، والذي غالبًا ما يرتبط بانخفاض كمية هرمون الإستروجين في جسمك، لكن بالنسبة للعديد من المريضات يحتاج التهاب بطانة الرحم إلى العلاج بشكل متواصل للسيطرة على الأعراض مثل الألم.
أوضح موقع medicalnewstoday أن بطانة الرحم المهاجرة ليست حالة قاتلة، لكن يربطها الخبراء ببعض الحالات والمضاعفات التي قد تهدد الحياة، وتشمل:
- الحمل خارج الرحم
- انسداد الأمعاء الدقيقة
- الإصابة بسرطان المبيض الظهاري
- مشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق
- حدوث التهاب حاد ونزيف
- تكون أنسجة ندبية داخل الجسم
- انخفاض جودة النوم
- مستويات أعلى من التوتر
- انخفاض مستويات النشاط
- ضعف النشاط الجنسي
- العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة
وفقا لموقع hopkinsmedicine فإن بطانة الرحم المهاجرة إحدى الحالات الأكثر شيوعا المرتبطة بالعقم عند النساء، مع العلم أن الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من المرض قد تسبب العقم المؤقت فقط، ويمكن لعملية جراحية لإزالة أنسجة بطانة الرحم أن تساعد المرأة على الحمل.
ولا يزال بإمكان العديد من النساء المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي الحمل بنجاح في ظل وجود خيارات علاجية، بما في ذلك الحفاظ على الخصوبة والتخصيب في المختبر (IVF) التي قد تساعد النساء على الحمل.
وأوضح موقع endometriosis أن التهاب بطانة الرحم لا يسبب بالضرورة العقم، لكن هناك ارتباطًا بمشاكل الخصوبة، على الرغم من أن السبب لم يُحَدَّد بشكل تام.
وطمأن المصابات في الحالات الشديدة بإمكانية الحمل مستقبلا، موضحا: حتى مع التهاب بطانة الرحم الشديد لا يزال الحمل الطبيعي ممكنًا؛ إذ تشير التقديرات إلى أن 60-70% من المصابات بانتباذ بطانة الرحم يمكن أن يحملن تلقائيًا.
كشف موقع nhs.uk أنه لا يوجد علاج حاليًا لمرض بطانة الرحم، ولكن هناك بعض العلاجات الحديثة لبطانة الرحم المهاجرة التي تساعد على تخفيف الأعراض، وتشمل:
- مسكنات الألم (الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات): مثل الأيبوبروفين والباراسيتامول.
- الأدوية الهرمونية ووسائل منع الحمل: بما في ذلك حبوب منع الحمل المركبة، ولصقات منع الحمل، والنظام داخل الرحم (IUS) وغرسات منع الحمل، والأدوية التي تسمى نظائر الهرمون المطلق للغدد التناسلية (GnRH)
- الجراحة الجزئية: لقطع بقع من أنسجة بطانة الرحم
- العملية الجراحية: لإزالة جزء أو كل الأعضاء المتضررة من بطانة الرحم، مثل عملية جراحية لإزالة جزء من القولون، أو الزائدة الدودية أو الرحم (استئصال الرحم).