اكتسبت دار Boucheron منذ تأسيسها شهرة واسعة بفضل جرأة مؤسسها فريديريك بوشرون، وتصاميمه المبتكرة والجريئة، الذي دخل عالم المجوهرات الراقية من بابه العريق.
وافتتح بوشرون أول متجر خاص به للمجوهرات عام 1858، وكانت هذه الخطوة الأولى في مسيرته التي تكللت بالنجاح.
وبفضل التصاميم المميزة التي قدمتها الدار، استطاع مؤسسها أن يفتتح عام 1893 متجرًا في 26 Place Vendôme.
واستمرت الدار في التطور والتقدم، محافظة على بصمتها الخاصة في عالم المجوهرات والأحجار الكريمة، إذ وسعت مجموعاتها لتشمل الساعات الفاخرة وأنواعًا أخرى من الإكسسوارات.
وفي كل مرة قدمت فيها الدار تصميمًا جديدًا، كانت ترسم معالم العلامة وهويتها الخاصة ومستقبلها الواعد.
وفي عام 1879، ابتكرت الدار "عقد علامة الاستفهام" Question Mark necklace الذي شكّل ثورة في عالم المجوهرات الراقية.
وفي وقت كانت أجسام النساء مقيّدة بالمجوهرات والأزياء المعقّدة، مُنحنَ الحرية للتزيّن بهذا العقد من دون الحاجة إلى مساعدة أحد، إذ لا يتضمّن هذا التصميم مشبكًا، مما يجعل وضعه حول العنق غاية في السهولة.
تاريخ عقد علامة الاستفهام
أول رسم لعقد "علامة الاستفهام" محفوظ في أرشيف بوشرون، ويعود إلى عام 1879. ومنذ انطلاقته الأولى، قدّم هذا التصميم أسلوبًا جديدًا تمامًا، حيث تميّز ببساطته وزخرفته المنمقة.
وكأول عقد لا يحتاج إلى مشبك، تميّز تصميمه بمرونته الفائقة والحركة المفصلية الحرّة بفضل آلية الزنبرك الخفية، مما أتاح راحة غير مسبوقة وقتئذ.
وتمّ تطوير هذه الآلية الدقيقة حصريًا في مشاغل بوشرون، إذ كانت ولا تزال شبه سرية، مما يدلّ على حرفية استثنائية، وإتقان لا يُضاهى في الصنع.
وحصل عقد "علامة الاستفهام" على الجائزة الكبرى في المعرض العالمي في باريس عام 1889.
وصنعت منه في البداية حوالي ثلاثين قطعة فقط في مشاغل الدار، إلا أنه سرعان ما لفت أنظار العملاء الدوليين، بدءًا من العائلة الإمبراطورية الروسية، وصولاً إلى الأسر أصحاب الشركات الصناعية الكبرى في أميركا.
وبعد مرور أكثر من 140 عامًا على ابتكاره، لا يزال هذا العقد رمزًا مميزًا لأسلوب بوشرون الفريد.
قابل للعكس
قدمت الدار هذا العام تصميمًا مبتكرًا لعقد علامة الاستفهام، وهو العقد القابل للعكس.
وجاءت بالفكرة هيلين بولي-دوكان، الرئيسة التنفيذية لدار بوشرون، كوسيلة لنقل رؤية فريدريك بوشرون المبتكرة إلى المستقبل.
شكّلت هذه الفكرة تحديًا كبيرًا للمشغل، لكن بعد سنوات عدّة من العمل والتطوير، نجح الحرفيون في ابتكار نظام مخصّص يجعل العقد قابلاً للعكس بحركة بسيطة واحدة. واستُلهمت الخطوط الأنيقة لهذه العقود القابلة للعكس من نموذج يعود إلى عام 1884 محفوظ في الأرشيف، وهو طلب خاص كان قد صُنع لرجل الأعمال الأميركي كورنيليوس فاندربلت.
اليوم، تقوم بوشرون بتصنيع هذا العقد بثلاثة ألوان مختلفة: الأحمر اللامع للروبيلايت، الأخضر الغني للتورمالين، والأزرق العميق للتانزانيت.
وعلى الجهة الأمامية من العقد، تتناغم الأحجار بشكل مثالي، مما يبرز ألوانها الزاهية بفضل الرقائق المعدنية. أما على الجهة الخلفية، فيتألق الكريستال الصخري المقطوع بعناية مع بريق إضافي من الماس المرصّع. وتظهر مهارة بوشرون الرفيعة أيضاً في الطوق، الذي يتميّز بترصيع الماس على كلا الجانبين وحتى على الحواف.
تفسيرات جديدة للعقد
طلب فريدريك بوشرون عام 1879، من الرسّام الفرنسي بول لوغران رسم أول تصميم لعقد علامة الاستفهام. ورسم الفنان سلسلة طويلة من اللبلاب، وعام 1881، تحوّل هذا الرسم إلى أوّل نموذج للعقد الشهير. أحب المؤسس هذا التصميم لدرجة دفعت مشاغل بوشرون إلى صنع ستّة نماذج منه بين عامي 1881 و1889.
وقدّم بوشرون رؤية جريئة ومميّزة للطبيعة بكلّ حريّتها وغناها وجمالها. وعمل الحرفيون بدقّة على تنفيذ هذا العقد لجعل اللبلاب يبدو واقعيًا قدر الإمكان، من خلال استخدام درجات الأخضر للأحجار الكريمة مثل الزمرّد، والذهب المطلي بالروديوم، وتقنية التريمبلور القديمة التي تجعل كلّ ورقة تتحرّك مع حركة صاحبة العقد.
وظهرت ريشة الطاووس لأول مرّة في ستينيات القرن التاسع عشر في المجوهرات والتيجان، وأصبحت منذ ذلك الحين رمزًا تاريخيًا لصانع المجوهرات. واختار فريدريك بوشرون هذا النمط الطبيعي لصنع عقدي علامة الاستفهام في عامي 1882 و1883، حيث اشترى العقد الثاني الدوق الأكبر أليكسي من روسيا.
الآن، يعيد استوديو الإبداع ابتكار ريشة الطاووس بهذا الظلّ الأزرق الحيوي، الذي يعكس لون الياقوت المرصّع كحجر مركزي.
أما هذا العقد، فاستُلهمت حركته من تصميم دار بوشرون لعقد بنمط ورقة الزيتون عام 1886؛ وترصّعه أحجار ياقوت موزمبيقي مشغولة بدقة لتشبه عناقيد الفاكهة المعلّقة.
كما يتميّز عقد Eternity Question Mark بخطوط منحنية وبساطة راقية.
وكحال سائر عقود علامة الاستفهام، يحتوي على عجائب مخفية من الابتكار. إذ يمكن فصل الحجر المركزي، ليتحوّل إلى طوق أكثر بساطة، إذ لطالما كان تعدّد الاستخدامات موضوعًا متكررًا في تاريخ عقد علامة الاستفهام.