تترجم المصممة الإماراتية، سارة التميمي أحلامها وأفكارها في كل مرة تقدم فيها مجموعة جديدة. هي مثال يحتذى به للمرأة الإماراتية التي قادها إصرارها في الحياة لتحقق طموحها، وترسم معالم حاضرها ومستقبلها.
استطاعت التميمي التوفيق بين الأمومة وعالم الأعمال، واستمرت في رحلة ريادة الأعمال الصعبة، بالرغم من العقبات جميعها التي واجهتها.
من خلال علامتها التجارية Sara Tamimi، تركت بصمة مميزة في عالم التصميم؛ إذ إنها تنسق الأقمشة والألوان بطرق مبتكرة وأنيقة عابرة للزمن ومستدامة.
لم تتوقف المصممة الإماراتية يوماً عن العمل، وابتكار تصاميم مستدامة جديدة. وفي رحلة التطور والتوسع اختارت أن تخوض تجربة جديدة في مجال تصميم الإكسسوارات.
لنتعرف أكثر على المصممة سارة التميمي، ومشاريعها المستقبلية أجرينا معها هذا الحوار، وعدنا إليكم بهذه التفاصيل.
بداية الرحلة
كانت رؤية سارة واضحة منذ صغرها. أحبت عالم الأزياء، وكانت تختار ملابسها بدقة. وفي سن السادسة، كانت تختار الأقمشة، وتستعين بالخياطين غير المحترفين لينفذوا لها التصاميم التي كانت ترغب في اعتمادها، ولم تجدها في المتاجر. لم يستطع هؤلاء الخياطون تنفيذ تصاميمها؛ مما كان يشعرها بالإحباط.
وشكّل المصمم البريطاني الشهير جون غاليانو، الذي أحدث آنذاك ثورة في دار ديور على حد قولها، مصدر وحي لها، وزاد حبها وشغفها بعالم الموضة.
تعد الجامعة النقطة الفاصلة التي ترسم معالم مستقبل الشخص المهنية، ولم تستطع سارة في البداية أن تتخصص في مجال تصميم الأزياء. حيث تخرجت بشهادة في إدارة الأعمال من جامعة السوربون لترضي أهلها. ولكن لم يقف ذلك حاجزاً أمامها؛ إذ تخصصت في مجال تصميم الأزياء، ونالت شهادة أخرى من ESMOD جامعة الأزياء الفرنسية.
وبعد أن أنهت دراستها، تزوجت وبدأت بتحقيق أحلامها من خلال عملها الخاص. وتقول سارة: كان كل ذلك يبدو كما لو أنه حلم.
في عالم ريادة الأعمال
تشير المصممة الإماراتية إلى أن رحلة ريادة الأعمال وتحقيق الأحلام جميلة، ولكنها لا تخلو من المتاعب والصعوبات، انطلاقا من متابعة تفاصيل مسار العمل إلى التعامل من الآخرين، لكنها تعلمت الكثير خلال هذه الرحلة.
تحدثت التميمي عن دور الاستدامة ورؤيتها الخاصة لها، وكيف تطبقها في عملية الإنتاج منذ البداية. وأوضحت أنها "رأت أن هناك الكثير من الهدر عندما يتعلق الأمر بصناعة الأزياء"، من دون أن تقصد الموضة السريعة. فنحن، وفق تعبيرها، بعيدون كل البعد عن الموضة السريعة، نصنع أشياء ذات جودة عالية ومصممة لتدوم مدى الحياة. وأضافت أنها لطالما كانت منذ طفولتها وحتى اليوم تتبع مفهوم الاستدامة في حياتها اليومية، معددة بعض الخطوات، كالابتعاد عن استخدام الأكياس البلاستيكية وتجنب الهدر. كما شكلت في الجامعة مع أصدقائها مجموعة صديقة للبيئة.
وقالت التميمي: "بعد أن قدمتُ مجموعتي الأولى لاحظت الهدر الكبير الذي تطلبته عملية التصميم. من التعديلات إلى العينات التي كنت أرفضها وننجزها مجددًا. وعندها قلت إن هذا الشيء مرفوض بالنسبة لي. الآن يجب أن أحدث تغييرًا، وأصبحنا علامة تجارية مستدامة". ولتحقيق تلك الغاية استعانت بصديقتها المتخصصة في مجال الاستدامة، وهكذا بدأت تقدم أزياء صديقة للبيئة.
واختارت العمل بالأقمشة التي لا تؤذي البيئة والطبيعة كالحرير الذي لا يتطلب تصنيعه قتل ديدان القز. كما أن الجلد الذي يستخدمونه نباتي، وباتت كل العناصر التي يستخدمونها مستدامة بالفعل.
لم يكن السوق جاهزاً خلال تلك الفترة للأزياء المستدامة، توضح التميمي، لكنه اليوم في تحسن وتقدم مستمر. لتتوسع دائرة الأزياء المستدامة من تلك العملية إلى الراقية والمتينة العابرة للزمن.
وأردفت قائلة، إن "من أولويات علامتها هي أن تقدم أزياء صديقة للبيئة، ذات جودة عالية، مريحة وتتميز بمتانتها لتنتقل من جيل إلى آخر". وأضافت: نصنع أزياء عصرية، لكنها مستوحاة من القطع القديمة التي تتحدى الزمن وصيحات الموضة المتغيرة.
عن أسرار النجاح والاستمرار
تقول سارة إن الإصرار هو سر النجاح، وتضيف: مهما كانت العقبات التي نواجهها علينا الاستمرار والتركيز على الهدف.
ومن أفضل النصائح التي طبقتها في مسار عملها، كانت نصيحة أختها التي تتمثل في تقسيم العمل على أيام الأسبوع والتركيز على كل جزء منه في يوم معين.
كما تحدثت عن أهمية الخطوات والأهداف الصغيرة، وأهمية الاحتفال بالانتصارات الصغيرة للاستمرار والوصول الى تحقيق الهدف الكبير.
علامة Sara Tamimi وتصميم الأحذية
صحيح أنها اختارت في البداية تصميم الأزياء، ولكنها أرادت مؤخراً أن تخوض مغامرة جديدة في مجال تصميم الأحذية المستدامة، حيث رأت في هذا المجال أفقاً واسعاً، ونجاحاً كبيراً، وهدراً أقل.
وأوضحت التميمي: "في البداية حاولت استخدام الصبار المستورد من المكسيك، فهو ينمو بطريقة طبيعية ولا يحتاج إلى الماء وبالتالي نتجنب هدر الماء، نأخذ هذا الصبار ونحوله إلى جلد. ولكن لم تكن هذه المواد متينة للغاية". مؤكدة أن الشركة التي تعمل عليها تطور نوعيتها، وأصبحت أفضل الآن. وبالتالي اختارت نوعاً آخر من الجلود الصديقة للبيئة، ومنذ ثلاثة أعوام ونحن نركز على جلد السمك".
وكشفت المصممة الإماراتية لنا عن مفاجأة أنها ستبدأ ببيع هذه الأحذية المصنوعة من جلد السمك عالميًّا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأضافت أن الجلد الذي تصنع منه الأحذية هو جلد سمك السلمون الذي يستخدم في صناعة المواد الغذائية. وتؤكد أنهم يأخذون الجلد ويعالجونه، ويصبغونه بشكل طبيعي، من دون أن يستخدموا أي مواد مؤذية للبيئة، كما أنه مريح جدًّا ومتين للغاية، وشكله يشبه جلد الثعبان. وأردفت: "ظننت في البداية أن تصميم الأزياء هو شغفي، ولكن اليوم اكتشفت حبي لصناعة الأحذية". لكنها أكدت أنها لن تتوقف عن تصميم الأزياء، ولكن الآن ترغب في التركيز على الأحذية.
مشاريعها المستقبلية
لا تتوقف المصممة سارة التميمي عن إضافة المزيد من المشاريع إلى لائحة أهدافها، اليوم هي تفكر في تصميم أزياء للأطفال والأزياء البسيطة المستدامة المتاحة للجميع، إلى جانب هدفها الأساسي في الوقت الحالي وهو تصميم الأحذية.
أما في نهاية مقابلتنا، فوجّهت المصممة الإماراتية رسالة إلى كل امرأة، قالت فيها: لا تستسلمي أبداً.