استضافت مؤسسة بسام فريحة للفنون بأبوظبي، حلقة نقاشية بعنوان "القصور العربية حتى نهاية العصر الأموي" ضمن برنامج "موعد نقاش" والذي تنظمه أناسي للإعلام، قدمها الدكتور أحمد عطية كبير الباحثين في التراث العربي بمركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية.
بحضور نخبة من الشخصيات الثقافية والإعلامية، من بينها الشيخة لبنى القاسمي، وسفيرة جمهورية مالطا ماريا كاميليري، ومريام كينتانا من مؤسسة بسام فريحة، وعضوات ملتقى "موعد نقاش"، شهدت الحلقة النقاشية التي أدارتها الإعلامية فاطمة النزوري طرحا ثريا قدّمه الدكتور عطية حول القصور العربية في جزيرة العرب قبل الإسلام وحتى نهاية الدولة الأموية.
وتناول النقاش عدة محاور رئيسة، أبرزها: أسماء القصور وأماكن بنائها، وبيئتها وأسباب اختيار مواقعها، إلى جانب سماتها الفنية التي تشمل مواد البناء، الزخارف، الحدائق، الأسوار، الغرف، الحمامات، المساحة، المطابخ، وأنظمة التهوية. كما ناقش الدكتور عطية تكاليف إنشاء هذه القصور بين المبالغة والحقيقة، مع نقد للروايات التاريخية المتداولة.
كما استعرض حضور القصور العربية في الشعر العربي، والأعاجيب والحكايات المرتبطة بها من خلال قراءات تاريخية، فضلا عن أشهر ليالي السمر والغناء التي شهدتها هذه القصور، مستندا إلى حكايات أبي الفرج الأصفهاني في كتابه "الأغاني". ولم يخلُ النقاش من تسليط الضوء على المساجد الملحقة بالقصور، ومصير هذه المعالم المعمارية مع مرور الزمن.
حول قصور العصر الأموي، بيّن الدكتور عطية، أن هناك خمسة قصور تعد من أهم قصور هذا العصر، وهي: قصر المنية (الميناء)، وقصر عمرة، وقصر المشتى، والحير الغربي، وقصر الرصافة (رصافة هشام).
ويقع قصر المنية (الميناء) أو ما يعرف بقصر الوليد بن عبد الملك في "خربة المنية" على الضفة الغربية لبحيرة طبريا، وهو واحد من خمسة قصور بناها الخليفة ذاته بمساعدة أخيه الخليفة هشام بن عبد الملك، والتي أطلق عليها البعض اسم "قصور الصحراء" أو "قصور بني أمية".
أما قصر عمرة فقال الدكتور عنه: شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في منطقة وادي البطم شمال غرب البحر الميت في البادية الأردنية، وقد سُقِّفَت الغرف والأروقة بأقباء طولية، والأرضيات مرصوفة بالرخام والفسيفساء، وكذلك الجدران المؤزرة بالرخام والرسوم الجدارية ذات المضامين الفنية المختلفة، التي تمثلت في مشاهد الرقص، والألعاب الرياضية ومشاهد الحب والطيور والحيوانات والتراكيب الهندسية، ويتميز الحمام المرافق بنظام توزيع المياه الحارة، وكذلك أنابيب توزيع البخار التي تعمل على التدفئة.
فيما يُنسب قصر المشْتَى إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي شيده في البادية الأردنية، لكنه قتل قبل أن يكتمل البناء، وهو أهم قصر أموي في الأردن، سُمِّي "المشتّى" لأن قبائل الصحراء كانت تتخذه محطة لها خلال فصل الشتاء.
ويتسم القصر بطراز معماري فريد، ينتمي إلى العمارة التي شاعت في بلاد الرافدين والجزيرة العربية، ومن أهم ما يميز هذا القصر واجهته الحجرية المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والغنى، ورغم عدم اكتمال بنائه، إلا أنه ما زال مقصدا لزائري قصور الصحراء الأردنية.
وأخذ قصر الرُّصَافة (رُصَافة هشام بن عبد الملك)، مكانة عند المؤرخين، وتعدُّ مدينةُ (الرصافة) إحدى أعرق المدن الشامية في العصر الأموي، خاصة في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وتقع في محافظة الرقة السورية، وقد مكث بها طوال فترة حکمه؛ ولذلك عُرفت باسمه "رصافة هشام" والذي تولَّى الخلافة بعهدٍ من أخيه يزيد بن عبدالملك.