فيصل الخريجي، فنان سعودي أبدع في دمج التراث السعودي الأصيل مع الأساليب الفنية العالمية.
اليوم، نحاور الفنان المعروف بـ "بيكاسو العرب" لنتعمق في رحلته الفنية، ومصادر إلهامه، ونتعرف على رؤيته لمستقبل الفن في المملكة والتحديات التي يواجهها.
كيف تشعر عندما تُلقب بـ "بيكاسو العرب"؟
من الرائع طبعًا أن يرتبط اسمي بأحد أكثر الفنانين شهرة على مدى التاريخ، لكن مشاعري متضاربة. أفضّل أن يُعرف اسمي وحده، دون أن يرتبط بأي اسم آخر، مهما كان عظيمًا. صحيح أن تأثير بيكاسو على أعمالي واضح، لكنني أسعى دومًا لإيجاد بصمتي الخاصة.
ما المصادر الرئيسة لإلهامك الفني؟
الإلهام يأتي من مصادر عديدة، أبرزها الأعمال الفنية الأخرى والفنانون. الثقافة السعودية، بكل تنوعها وغناها، تشكل جزءًا لا يتجزأ من أعمالي، إذ إن كل منطقة في المملكة لها ألوانها وأنماطها الفريدة، وهذا ما تعكسه لوحاتي.
وعادةً ما أمزج بين هذه العناصر المحلية والمدارس الفنية العالمية لأصنع لوحات تحمل روحًا فريدة.
تمزج بين التكعيبية والسريالية في أعمالك. كيف توصلت إلى هذا الأسلوب الفريد؟
إلى جانب بيكاسو، تأثرت كثيرًا بأعمال جورج كوندو، وكلاهما يمزج بين التكعيبية والسريالية، لكنني في الآونة الأخيرة، تأثرت أيضًا بفنانين يتبعون المناهج التجريدية، ويستخدمون مجموعة أوسع من الألوان.
كما استلهمت أيضًا من الخطاطين، وأدخلت الخط العربي في لوحاتي، وأعتقد أنني سأجرب أشياء مختلفة في المستقبل أيضًا.
لوحتك "ريماليزا" التي تصور امرأة سعودية في خلفية وجلسة الموناليزا مشهورة. ما الذي ألهمك لرسم هذه اللوحة؟ وكيف تفاعل الجمهور معها؟
تأملت الموناليزا، اللوحة الأشهر عالميًّا، ووجدت أن سر تميزها ليس في تفاصيلها بقدر ما هو في قصتها وخلفيتها الثقافية. تساءلت: ماذا لو كانت المرأة سعودية؟ بحثت في الأزياء التقليدية، وقررت استخدام الزي الحجازي لما يحمله من تفرد وجمال.
تفاعل الجمهور كان مذهلًا، حيث أبدى إعجابه بهذا المزج الثقافي، ورأى فيه تعبيرًا عن الهوية السعودية بشكل جديد.
لوحة "رجال السعودية" المستوحاة من "نساء الجزائر" لبيكاسو تعتبر أحد أعمالك المميزة. كيف استوحيت فكرتها؟ وما الرسالة منها؟
عندما رأيت لوحة بيكاسو "نساء الجزائر" وقرأت قصتها، تأثرت بها جدًا. عرفت أنها مستوحاة من عمل لفنان آخر. قررت أن أستوحي فكرتي من هذا المبدأ، مصورًا "رجال السعودية" هذه المرة، ومستخدمًا ألوانًا وأزياء شعبية سعودية.
الرسالة ليست محددة، لكنها تبرز جمال الثقافة السعودية وعمقها، وتحتفي بتراث الخيمة.
كيف تعمل على خلق هوية فنية خاصة بك؟
خلق هوية فنية مميزة هو تحدٍ كبير لأي فنان. الأسلوب لا يُبتكر في يوم وليلة، بل يتطور مع الزمن والتجارب.
بيكاسو نفسه مرت أعماله بمراحل متنوعة تأثر فيها بفنانين آخرين، وكل مرحلة من حياته شهدت أسلوبًا مختلفًا. أنا أسعى لتطوير
أسلوبي الخاص، وأسعى لخوض رحلة فنية مستمرة.
عرضت أعمالك في مدن مختلفة حول العالم مثل لندن وبوسطن. كيف كان تفاعل الجمهور الدولي؟
عرضت أعمالي في مدن عديدة خارج السعودية، وكان التفاعل رائعًا. الجمهور الدولي كان فضوليًّا ومتحمسًا لمعرفة القصص وراء لوحاتي، خاصة أنها تصور الثقافة السعودية.
لاحظت اختلافات في استقبال الأعمال، فبينما يركز البعض على التفاصيل الفنية، يهتم آخرون بالرسائل الثقافية والاجتماعية التي تحملها اللوحات، وهنا يجب تزوديهم بالخلفية المناسبة لفهم العمل.
كيف ترى دور التكنولوجيا في تطوير الفن التشكيلي؟
لا شك في أن التكنولوجيا تلعب دورًا كبيرًا في تطور الفن، خاصة للفنانين الرقميين الذين يستفيدون من الأدوات الرقمية لتوفير الوقت وتسهيل العملية الإبداعية.
بالنسبة لي، أحب الرسم اليدوي، ولا أستمتع باستخدام الأدوات الرقمية. استغل التكنولوجيا لعرض أعمالي على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ليس لرسمها.
ما الرسالة التي تود إيصالها للفنانين الناشئين؟
رسالتي بسيطة: مارس الفن لنفسك قبل أن تمارسه لإرضاء الآخرين أو لإيصال الرسائل، فعندما تتعقد الأمور في الفن، يتلاشى الحس الفني.
وإذا استطعت إلهام الآخرين ودفعهم للرسم، فهذا يكفيني، حيث إنني أرى أن دور الفنان هو تقديم الفن بطريقة تجذب الناس وتثير اهتمامهم؛ ما يسهم في تثقيف المجتمع حول الفنون التشكيلية.
ما أكبر التحديات التي واجهتها في مسيرتك الفنية؟ وما الإنجاز الذي تفتخر به؟
أكبر تحدٍ هو تخصيص وقت للفن، خاصة أنني لست متفرغًا للفن ولدي وظيفة أخرى. أما الإنجاز الأكبر فهو تنظيم معرض فردي مع ريتشارد ميل، إحدى أكبر علامات الساعات السويسرية.
كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية؟
لمستقبل مشرق للغاية، بفضل الدعم الحكومي والقطاع الخاص للفن. هذه المبادرات المشجعة أظهرت العديد من الفنانين الجدد في السعودية. وأنا متفائل بأننا سنرى تنوعًا كبيرًا في الأساليب والموضوعات الفنية في السنوات المقبلة.