ضمن برنامج ثقافي زاخر يحتفي بالكلمة والخيال، استضاف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 الكاتب السعودي أسامة المسلم في جلسة حوارية مميزة نظمتها منصة المجتمع تحت عنوان "من صفحات الرواية إلى الواقع: كيف تشكّلنا الحكايات؟"
أدار اللقاء صانع المحتوى المعروف عبدالله الرئيسي، بحضور جماهيري كبير من محبي الرواية، وعشاق الأدب الفانتازي الذين حرصوا على متابعة هذا اللقاء الاستثنائي.
انطلقت الندوة بسؤال عن أهمية الراوي، ليقلب المسلم الطاولة بسؤال بسيط وعميق "هل المتعة مهمة؟".
ومن هنا، بدأ حديثه عن دور الأدب كفسحة يومية تمنح القارئ مهربًا من رتابة الحياة، ومساحة لاكتشاف ذاته ومعارفه. الأدب، كما يراه، ليس مجرد ترف فكري بل تجربة إنسانية تعمّق الفهم وتنقّي الروح.
عن رحلته الإبداعية، تحدث المسلم عن مصادر إلهامه المتنوعة: أحيانًا أستلهم شخصية من الواقع، وأحيانًا أصنعها من خيالي الخالص، موضحًا كيف ساعده هذا التنوع في بناء عالمه السردي الغني الذي يضم أكثر من 32 إصدارًا أدبيًا.
كشف الكاتب عن طقوسه أثناء الكتابة، حيث يعتمد على الهدوء التام والعزلة، في غرفة خافتة الإضاءة وبمعدة خالية؛ هذه البيئة التأملية تمنحه التركيز الكامل، وتفتح له أبواب الخيال دون تشويش.
في حديثه عن روايته الأكثر شهرة "خوف"، قال إن الخوف شعور إنساني لا يجب كبحه بل استخدامه كوقود للحياة. الرواية، في رأيه، تسمح لنا بخوض حيوات متعددة وتجارب لا نعيشها في الواقع.
حين طُرح عليه سؤال عن الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالأدب، قال المسلم إنه لا يرفض أي تطور تقني، لكنه يرى أن "اللمسة الإنسانية" تظل فارقة.
فالآلة قد تُنتج نصًا، لكنها تفتقر إلى الشغف والقصور البشري الذي يجعل الإبداع جميلًا وغير متوقّع.
فاجأ المسلم جمهوره بالإعلان عن اقتراب صدور فيلم فانتازي مستوحى من رواية "بساتين عربستان"، بعد تصوير عشر حلقات منه وتحويله إلى عمل سينمائي.
كما كشف عن عمله على مسلسل مأخوذ عن رواية "خوف"، إلى جانب تصوير فيلم رعب جديد بعنوان "جحيم العابرين" يبدأ تصويره في يونيو القادم.
وأضاف أنه يعمل على مشروعين سينمائيين جديدين بالتعاون مع مجموعة MBC، مؤكدًا أن مرحلة التخطيط والكتابة هي الأصعب، لما تتطلبه من بناء دقيق ومتكامل للعوالم والشخصيات.
اختتم أسامة المسلم الجلسة بحديث ودي عن علاقته بمدينة أبوظبي، التي كانت أول مدينة خارج الرياض يوقّع فيها كتبه، وتلقّى منها أول دعوة رسمية للمشاركة في محفل ثقافي دولي.
وصفها بأنها محطة مؤثرة في مسيرته، وبوابة للتواصل مع جمهور عربي واسع.
بلغة واثقة وتجربة ثرية، أكّد أسامة المسلم أن الأدب سيبقى بوابة فهمنا الأولى للعالم، وأن الخيال سيظل فعلًا إنسانيًا خالصًا، مهما تطورت الأدوات والتقنيات.