يأخذ الكاتب والصحفي الأردني رشاد أبو داود، قراء أحدث كتبه "عمان وأخواتها الجميلات" في جولة بالمدن الأردنية. يرسم بالكلمات لوحات للطبيعة الجميلة، مدشناً لوناً جديداً من ألوان "أدب المكان"، ليضيف إلى أرشيف المكتبة العربية، كتاباً مختصاً بأدب الرحلات.
ويأتي الكتاب الجديد، في 106 صفحات متضمناً صوراً للأمكنة التي يتحدث عنها الكاتب، وهو صادر عن دار ظلال وخطوط للنشر والتوزيع، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية، ويعد الخامس في سيرة أبو داود الأدبية، بعد كتب: "لكم أنت بي"، و"كلام طري"، و"اسمعي ما تقول يداي"، و"ظل أحمر".
يقول أبو داود عن فكرة كتابه، التي ألهم بها بعد أن بلغ عمر التقاعد من مهنة الصحافة: لكل فصل لونه ونكهته وطعمه. ربيع، صيف، خريف، شتاء، ألوان لا تبهت إن نزل عليها المطر، وإن جفت تصبح أجمل. أوراق خضراء تصبح في أيلول صفراء كالذهب، هي الأشجار تبدل ثيابها لتأتيك في الربيع القادم جديدة جميلة، كلها في بلدك، لك. ولك أيضاً ما حبلت به الأرض لتأكل، وما حملت به الأشجار لتتذوق حلاوة فاكهة فيها لذة وفيها شفاء.
ويضيف: مشاغل العيش أخذت منك مشاعل الحياة. سرعة القطار أنستك متعة المحطات، وبقيت تركض حتى سبقت القطار، لكنك لم تصل ولن تصل، فقد غطت عينيك غشاوة السرعة وغبار الزمن الأغبر المغبر بالضياع. وإن تجاوزت هدفك، وأمسكت بيد الطمع الذي عض يدك ولحمك، وكاد يكسر عظمك. افعل كما تفعل الطيور، التقط حبات قمح تسد جوع معدتك، كن خفيفاً لتحلق بك. ابنِ عشك على غصن شجرة، واترك الحجر المكدّس حجراً فوق حجر فوق صخرة، على هيئة منزل صغير في حي مكتظ بالفقر، أو في فيلا فارهة الترف. أخرج قليلاً خارج حدود المدينة لتجدك خفيفاً نظيفاً من كوليسترول الشحم، خالياً من ثاني أكسيد الكربون، وذاك الشحار الأسود الذي يلوث رئتك.
في تقديمه للكتاب، يبين الشاعر والباحث الدكتور راشد عيسى، أن رشاد أبو داود، الإعلامي البارز، صاحب مجموعة من الإصدارات في مجال "الومضة الأدبية"، يقدم في "عمان وأخواتها الجميلات" لوناً جميلاً من ألوان الأدب هو "أدب المكان"، فالكتاب منظومة من النصوص المشبعة بالبلاغة ورشاقة التعبير، يتناول فيها مشاهد من زياراته أو إقامته في أماكن أردنية متعددة؛ عمان، إربد، الكرك، عجلون، السلط، الزرقاء، الرمثا، العقبة.. وما حولها.
ويقول عيسى: إذا كان شاعر الأردن عرار، قد تغنى بالأمكنة الأردنية كصيغة من صيغ الانتماء ومحبة الوطن، فإن رشاد هنا يتغنى بجماليات الربوع الأردنية بالنثر الفني السهل الممتنع، فيزاوج بين الإخبارية بصفته إعلامياً واللغة الأدبية بصفته أديباً.
ولعل أهمية نصوص كتاب "عمان وأخواتها الجميلات" متأتية من كونها إضافة لامعة إلى كتب السير والمذكرات المتعلقة بالمكان الأردني، على غرار "سيرة مدينة" لعبد الرحمن منيف، والعديد من الروايات الأردنية عبر السنين الخوالي.