قبل 16 عامًا من اليوم، في التاسع من أغسطس من العام 2008، أُعلن خبر وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، صاحب القصائد الوجدانية التي تغنت بفلسطين وأهلها وأرضها وزيتونها، والتي تناقلت أشعاره أغنيات بأصوات كثيرين، لعل أشهرهم مارسيل خليفة.
ورحل درويش في إثر إجرائه عملية القلب المفتوح، في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد أن فشلت العملية التي كانت تؤرقه قبل سفره من الجليل إلى أميركا، وخشي أن تودي بحياته، ولكنه قرر إجراءها لإنهاء معاناته مع المرض.
يعد محمود درويش المولود في قرية البروة في الجليل، يوم 13 مارس 1941، أبرز عمالقة الشعر العربي الحديث، وعانى من السفر والترحال بين البلدان طيلة حياته، فهو لم يعرف الاستقرار.
وفي طفولته، هُجِّر إلى لبنان بفعل مهاجمة الاحتلال لقريته وتدمير مسكنه سنة 1947، ليتسلل لاحقًا إلى فلسطين، ويكمل تعليمه الابتدائي في قرية دير الأسد.
بدأ صاحب قصيدة "أحن إلى خبز أمي" كتابة الشعر في مرحلته الابتدائية، وفي عام 1960 أطلق أول ديوان شعري له، وحمل عنوان "عصافير بلا أجنحة".
تعرض درويش للاعتقال والأسر مرات كثيرة من قبل إسرائيل، ولكن ذلك لم يزده إلا إصرارًا وعزيمة لكتابة قصائد أقوى تجسد معاناة الفلسطينين، فكتب داخل السجن، ديواني: "أوراق الزيتون" و"عاشق من فلسطين".
وسافر درويش مطلع السبعينيات إلى موسكو بغية إكمال تعليمه، ولكنه غادرها بعد مدة قصيرة، وعاد إلى مصر، وعمل في صحيفة الأهرام مدة 3 سنوات، وبالتالي سافر إلى لبنان، وعمل رئيس تحرير لمجلة الشؤون الفلسطينية.
شغل محمود درويش أيضًا منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، وأسس مجلة الكرمل الثقافية مطلع الثمانينيات، وتاليًا هاجر إلى فرنسا بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وسنة 1986 أصدر كتابه "ذاكرة النسيان" الذي روى فيه تجربته خلال الحصار الإسرائيلي لمدينة بيروت.
وسنة 1988 شغل درويش منصب عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم عمل مستشارًا للرئيس الراحل ياسر عرفات، واستقال سنة 1993 احتجاجًا على توقيع المنظمة لاتفاقية أوسلو.
قرر محمود بعد أعوام قليلة العودة إلى فلسطين والاستقرار في رام الله، وكتب كثيرًا من القصائد أبرزها: "حالة حصار" و"حضرة الغياب"، واختتم مسيرته الشعرية بديوان "أثر الفراشة" عام 2008.