يشهد عالم السينما العربي حضورًا متزايدًا للمخرجات اللاتي قدمن أعمالًا مميزة تعكس قضايا إنسانية ومجتمعية بعمق.
وبين خطوات أولى في عالم الإخراج وإنجازات عالمية مشهودة، تبرز أسماء شكلت بصمة واضحة في المشهد السينمائي.
في أولى تجاربها الإخراجية، قدمت النجمة درة زروق فيلمها الوثائقي "وين صرنا؟"، ضمن الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي.
والفيلم يحكي قصة نادين، الشابة الغزية التي وصلت إلى مصر مع ابنتيها الرضيعتين بعد الحرب، لتعيش تحديات الغربة وانتظار زوجها الذي تأخر في اللحاق بها لشهرين.
وعلى مدار تسع وسبعين دقيقة، يرصد العمل تجربة إنسانية مؤثرة مليئة بالتحدي.
شهدت الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي أيضًا الظهور الأول للمخرجة الشابة زينة أشرف عبد الباقي، التي قدمت فيلمها "مين يصدق؟".
والعمل يمثل بداية واعدة في مشوارها السينمائي، ويشهد مشاركة والدها الفنان أشرف عبد الباقي، الذي أضاف حضورًا خاصًا للعمل.
تُعد نادين لبكي إحدى أبرز المخرجات العربيات اللواتي حققن نجاحات عالمية، وتتميز أعمالها بتناول قضايا إنسانية واجتماعية عميقة بلغة سينمائية جريئة.
وفي فيلم "سكر بنات"، الذي عُرض عام 2007، سلطت الضوء على حياة النساء اليومية بعين درامية حساسة، بينما تناولت في فيلمها "هلأ لوين" عام 2011 انعكاسات الحروب على النساء، وطرحت تساؤلات حول قوة المرأة في مواجهة الانقسامات الطائفية.
أما فيلمها "كفرناحوم"، الذي عُرض عام 2018، فقد تناول حياة المهمشين في بيروت برؤية مؤثرة جعلته يصل إلى ترشيحات الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، ليؤكد مكانتها كمخرجة من الطراز العالمي.
المخرجة التونسية كوثر بن هنية عُرفت بتناولها قضايا شائكة مستمدة من الواقع، ففي فيلمها "شلاط تونس" عام 2013، ناقشت قضية العنف ضد النساء في ظل التحولات المجتمعية والسياسية، بينما عادت في فيلم "على كف عفريت" عام 2017 لتتناول حادثة اغتصاب حقيقية تعكس التحديات التي تواجهها المرأة التونسية في نضالها لانتزاع حقوقها.
وفي عام 2020، قدمت كوثر فيلمها "الرجل الذي باع ظهره"، الذي تناول قصة لاجئ سوري يحول جسده إلى لوحة فنية لتحقيق أحلامه، في عمل جذب الأنظار عالميًا، ووصل إلى ترشيحات الأوسكار، ليكون شهادة على قدرتها على تقديم قضايا إنسانية بلغة سينمائية عالمية.
كما رشح فيلمها "بنات ألفة" للتنافس في الدورة 96 لجوائز الأوسكار ضمن فئتي أفضل فيلم وثائقي وأفضل فيلم دولي، كما فاز بجائزتين خلال مشاركته في مهرجان كان السينمائي في دورته الماضية.
تُعد المخرجة كاملة أبو ذكري من أبرز مخرجات السينما المصرية بفضل قدرتها على تناول قضايا إنسانية واجتماعية بحرفية سينمائية عالية.
وقدمت فيلم "واحد صفر" عام 2009 الذي شارك في مهرجان فينيسيا الدولي وحقق نجاحًا كبيرًا، وحصل على أكثر من خمس وأربعين جائزة محلية ودولية.
كما قدمت فيلم "يوم للستات" الذي تناول قضايا النساء من زوايا مختلفة، ليصبح أحد أبرز الأعمال السينمائية المصرية التي حظيت بمشاركات دولية واسعة.
أثبتت المخرجات العربيات قدرتهن على تقديم قصص ملهمة بلغة سينمائية مميزة، تعكس قضايا مجتمعهن، وتصل إلى العالمية.
وسواء في بداية الطريق أم في القمة، يواصلن صناعة محتوى يثري السينما العربية، ويضعها على خارطة السينما العالمية.